٢ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحكم بن مسكين ، عن إسحاق بن عمار ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول الله عز وجل : « إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً » (١) قال هي ولاية أمير المؤمنين عليهالسلام
______________________________________________________
الحديث الثاني : مرسل « إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ » هذه الآية من المتشابهات وقد اختلف في تأويله المفسرون والروايات على وجوه :
الأول : أن المراد بالأمانة التكليف بالأوامر والنواهي ، والمراد بعرضها على السماوات والأرض والجبال العرض على أهلها وعرضها عليهم هو تعريفه إياهم إذ في تضييع الأمانة الإثم العظيم ، وكذلك في ترك أوامر الله تعالى وأحكامه ، فبين سبحانه جرأة الإنسان على المعاصي وإشفاق الملائكة من ذلك ، فيكون المعنى عرضنا الأمانة على أهل السماوات والأرض والجبال من الملائكة والإنس والجن « فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها » أي فأبى أهلهن أن يحملوا تركها وعقابها ، والمأثم فيها « وَأَشْفَقْنَ مِنْها » أي أشفقن أهلهن من حملها « وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً » لنفسه بارتكاب المعاصي « جَهُولاً » بموضع الأمانة في استحقاق العقاب على الخيانة فيها ، فالمراد بحمل الأمانة تضييعها ، قال الزجاج : كل من خان الأمانة فقد حملها ، ومن لم يحمل الأمانة فقد أداها.
والثاني : أن معنى عرضنا عارضنا وقابلنا ، فإن عرض الشيء على الشيء ومعارضته به سواء ، والمعنى أن هذه الأمانة في جلالة موقعها وعظم شأنها لو قيست السماوات والأرض والجبال وعورضت بها لكانت هذه الأمانة أرجح وأثقل وزنا ، ومعنى قوله : فأبين أن يحملنها ، ضعفن عن حملها ، كذلك وأشفقن منها لأن الشفقة ضعف القلب ، ولذلك صار كناية عن الخوف الذي يضعف عنده القلب ، ثم قال : إن هذه الأمانة التي من صفتها أنها أعظم من هذه الأشياء العظيمة تقلدها الإنسان فلم يحفظها بل حملها وضيعها لظلمة على نفسه ، ولجهله بمبلغ الثواب والعقاب.
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٧١.