وأخلصهم إيمانا وأشدهم يقينا وأخوفهم لله وأعظمهم عناء وأحوطهم على رسول الله صلىاللهعليهوآله وآمنهم على أصحابه
______________________________________________________
وقد أشبعنا الكلام في ذلك الباب في كتابنا الكبير.
« وأخلصهم إيمانا » أي لم يكن إيمانه عليهالسلام مشوبا برياء ولا سمعة ، ولا شيء من الأغراض الدنيوية ، ولما كان الإيمان ليس محض المعرفة بل مع الطوع القلبي والظاهري ، فيوصف بالإخلاص وعدمه.
« وأشدهم يقينا » المشهور أن اليقين هو الاعتماد الجازم المطابق للواقع ، ويظهر من بعض الأخبار أنه العلم الذي يترتب عليه العمل ، وقد يخص فيها بالعلم بأمور الآخرة ، وبالعلم بالقضاء والقدر ، وعلى أي وجه يدل على أن اليقين يقبل الشدة والضعف كما هو ظاهر كثير من الآيات والأخبار ، ومن قال بأنه لا يقبل الشدة والضعف يقول أشديته بضم الأعمال إليه ، وسيأتي تحقيق جميع ذلك في كتاب الإيمان والكفر.
« وأخوفهم لله » لأنه كان أعلمهم وكثرة العلم موجبة لكثرة الخوف ، وقال تعالى : « إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » (١).
« وأعظمهم عناءا » العناء بالفتح والمد التعب ، وشدة تعبه عليهالسلام في الجهاد والعبادات والرياضات ومكابدة الشدة من الأعداء أشهر من أن يخفى « وأحوطهم على رسول الله » أي أشدهم له حفظا وحياطة ، وتعديته بعلى لتضمين معنى الإشفاق ، وفي النهاية : حاطه يحوطه حاطا وحياطة : حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه « وآمنهم على أصحابه » الضمير للرسول أو له عليهالسلام ، وكان التعدية لتضمين معنى المحافظة ، وقد قال تعالى : « هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ » (٢) أي كان اعتماده عليك في رعاية الصحابة وهدايتهم وحفظهم أكثر من غيرك ، والمناقب : المفاخر والخصال الشريفة.
__________________
(١) سورة فاطر : ٢٨.
(٢) سورة يوسف : ٦٤