.................................................................................................
______________________________________________________
وما كان يعرفه من صدق مقاله وما سمعه من القرآن الذي أنزل عليه وأراد أنه من برهانه أنه رسول محق فآمن به وصدقه ، وهذا بعد أن ميز بين الأمانة وغيرها ، وعرف حقها وكره أن يفشي سر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ائتمنه عليه ، وهذا لا يقع باتفاق من صبي لا عقل له ، ولا يحصل ممن لا تميز معه.
ويؤيد أيضا ما ذكرناه أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بدأ به في الدعوة قبل الذكور كلهم وإنما أرسله الله تعالى إلى المكلفين ، فلو لم يعلم أنه عاقل مكلف لما افتتح به أداء رسالته وقدمه في الدعوة على جميع من بعث إليه ، لأنه لو كان الأمر على ما ادعته الناصبة لكان عليهالسلام قد عدل عن الأولى ، وتشاغل بما لم يكلفه عن أداء ما كلفه ، ووضع فعله في غير موضعه ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يجل عن ذلك.
وشيء آخر وهو أنه دعا عليا عليهالسلام في حال كان مستترا فيها بدينه ، كاتما لأمره خائفا أن شاع من عدوه ، فلا يخلو أن يكون قد كان واثقا من أمير المؤمنين بكتم سره وحفظ وصيته وامتثال أمره وحمله من الدين ما حمله ، أو لم يكن واثقا ، وإن كان واثقا فلم يثق به عليهالسلام إلا وهو في نهاية كمال العقل وعلى غاية الأمانة وصلاح السريرة والعصمة والحكمة وحسن التدبير ، لأنه الثقة بما وصفناه دليل جميع ما شرحناه على الحال التي قدمنا وصفها ، وإن كان غير واثق من أمير المؤمنين عليهالسلام بحفظ سره وغير آمن من تضييعه وإذاعة أمره فوضعه عنده من التفريط وضد الحزم والحكمة والتدبير ، حاشى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك ومن كل صفة نقص وقد أعلى الله عز وجل رتبته وأكذب مقال من ادعى ذلك فيه ، وإذا كان الأمر على ما بيناه فما ترى الناصبة قصدت بالطعن في أيمان أمير المؤمنين عليهالسلام إلا عيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والذم لأفعاله ووصفه بالعبث والتفريط ، ووضع الأشياء غير مواضعها ، والإزراء عليه في تدبيراته ، وما أراد مشايخ القوم ومن ألقى هذا المذهب إليهم إلا ما ذكرناه والله متم نوره ولو كره الكافرون ، انتهى كلامه قدسسره.