فاتبعوك فهدوا وكنت أخفضهم صوتا وأعلاهم قنوتا وأقلهم كلاما وأصوبهم نطقا
______________________________________________________
« ومضيت بنور الله » أي جريت في سبيل الحق بما أعطاك الله من العلم ، وعملت بما ينبغي في جهاد الأعداء وغيره إذ وقف غيرك عن سلوك سبيل الحق لجهله « فاتبعوك فهدوا » أي كل من اهتدى فإنما اهتدى بمتابعتك ، وفي الإكمال : ولو اتبعوك لهدوا ، وهو أظهر « وكنت أخفضهم صوتا » لعل خفض الصوت كناية عن التواضع ونفي الكبر والإعجاب ، أو ربط الجأش وثبات القلب لأن رفع الصوت في المخاوف من الجبن والفزع ، وقيل : المراد خفض الصوت عند الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم « وأعلاهم قنوتا » القنوت يطلق على الطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت ، والأكثر مناسب ، وفي الإكمال والنهج وأعلاهم فوتا ، وهو أنسب ، والفوت السبق إلى الشيء من دون ائتمار واستشارة ، ومنه قولهم : فلان لا يفتات عليه ، أي لا يعمل شيء دون أمره ، والغرض نفي الاحتياج إلى الغير في استعلام الحق.
« وأقلهم كلاما » أي كان عليهالسلام لا يتكلم إلا عند الحاجة « وأصوبهم نطقا » وفي الإكمال منطقا « وأكبرهم رأيا » أي كان رأيه في الأمور أعظم وأحزم من آراء غيره وفي بعض النسخ أكثر بالمثلثة ، فالمراد بالرأي الصواب منه « وأشدهم يقينا » هذه الفقرة مكررة ولعله من الرواة ، أو المراد بالأول اليقين بالله ورسوله لاقترانه بالإيمان وبما هنا اليقين بالقضاء والقدر وتورطه في المخاطرات والمجاهدات ليقينه بالقضاء والقدر أو بالمثوبات الأخروية كما سيأتي في باب اليقين أنه عليهالسلام جلس تحت حائط مائل يقضي بين الناس ، فلما قيل له في ذلك ، قال : حرس امرءا أجله (١) وقال الصادق
__________________
(١) قال الشارح (ره) في البحار : « امرءا » مفعول حرس ، و « أجله » فاعله وهذا مما استعمل فيه النكرة في سياق الإثبات للعموم ، أي حرس كل امرىء أجله ؛ كقوله : أنجز حرما وعده ؛ ويؤيده ما في النهج انه قال عليهالسلام كفى بالاجل حارسا.
ومن العجب ما ذكره بعض الشارحين : أنّ امرء مرفوع على الفاعلية وأجله منصوب على المفعولية والعكس محتمل ؛ والمقصود الإنكار لأنّ أجل المرء ليس بيده حتّى يحرسه ؛ انتهى ، ثمّ قال (ره) : ويشكل هذا بأنّه يدلّ على جواز إلقاء النفس إلى التهلكة وعدم وجوب