.................................................................................................
______________________________________________________
ولا مدح ولا تشريف فيما دخل فيه الفساق والكفار ، فإن قيل : إذهاب الرجس لا يكون إلا بعد ثبوته فدلت الآية على ثبوت الرجس والمعصية فيهم وأنتم قد قلتم بعصمتهم عن الذنوب من أول العمر إلى انقضاء الأجل؟ قلنا : إن الإذهاب والصرف وما يؤدي هذا المؤدي كما يستعمل في إزالة الأمر الموجود يستعمل في المنع عن طريان أمر على محل قابل له ، قال الله تعالى : « وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ » (١) وقال في يوسف عليهالسلام : « كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ » (٢) وتقول في الدعاء : صرف الله عنك كل سوء ، وأذهب عنك كل محذور ، وبناء الكلام في مثلها على التخييل الذهني بفرض المحل متصفا بالأمر لكونه مظنة له بخصوصه ، أو لكون الغالب اتصاف أمثاله بذلك الأمر ، والعبد لما كان في الغالب مظنة لارتكاب المعصية قد يسمى تأييد الله إياه بالعصمة عن ارتكابها إذهابا لها وتطهيرا منها ، وليس الغرض اتصافه بها كما أنه ليس المراد في الآيتين السابقتين الصرف بعد الإصابة.
على أنا نقول : إذا سلم الخصم منا دلالة الآية على العصمة في الجملة كفانا في المقصود ، إذ القول بعصمتهم في بعض الأوقات خرق للإجماع المركب وهو واضح فثبت عصمتهم مطلقا.
ومما يدل على عصمتها صلوات الله عليها الأخبار الدالة على أن إيذاءها إيذاء الرسول ، وأن الله تعالى يغضب لغضبها ويرضى لرضاها ، كما روى البخاري ومسلم وغيرهما عن المسور بن مخرمة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول ، وهو على المنبر إنه قال في سياق حديث فاطمة : فإنما هي بضعة مني يربيني ما رابها ، ويؤذيني من آذاها.
وقد روى البخاري ومسلم وغيرهما أنه صلىاللهعليهوآله قال : فاطمة بضعة مني يؤذيني
__________________
(١) سورة النور : ٤٣.
(٢) سورة يوسف : ٢٤.