العالمين تجلدي إلا أن لي في التأسي بسنتك في فرقتك موضع تعز فلقد وسدتك
______________________________________________________
رضي الله عنها كانت أحب بناته صلىاللهعليهوآله ، وأكرم من عنده وسيدة نساء الجنة ، وكان صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى ركعتين ثم ببيت فاطمة رضي الله عنها فيسأل عنها ثم يدور على نسائه إكراما لفاطمة واعتناء بها.
« وعفا عن سيدة نساء العالمين تجلدي » قد مر أن العفو يكون بمعنى المحو وبمعنى الإمحاء والثاني هو الأنسب ، فقوله : تجلدي فاعله ، وقيل : إذا كان بمعنى المحو فالفاعل ضمير مستتر لمصدر قل « وعن » يحتمل تعلقه بالتجلد ، والتعليلية والجلد بالتحريك القوة والشدة والصبر ، يقال : جلد ككرم جلادة بالفتح والتجلد تكلفه ، وفي النهج : ورق عنها تجلدي ، وفي المجالس : وضعف عن سيدة النساء.
« إلا أن في التأسي لي بسنتك في فرقتك موضع تعز » يمكن أن يقرأ إلا بالكسر والتشديد وفتح أن وبالفتح والتخفيف وكسر إن ، وقد ضبط بهما في النهج ولكل منهما وجه ، والفرقة بالضم الاسم من قولك افترق القوم ، والتعزي التسلي والتصبر ، والتأسي الاقتداء ، ويقال أساه فتأسى أي عزاه فتعزى ، وكان المعنى أن التأسي لي بالسنة التي جعلتها لي وأوصيتني بها في فرقتك أو مطلق سنتك وطريقتك في الصبر على المصائب ـ فإنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان صبورا فيها ـ يمكن أن يكون داعيا إلى الصبر في تلك المصيبة ، والحاصل أني قد تأسيت بسنتك في فرقتك يعني صبرت عليها ، فبالحري أن أصبر في فرقة ابنتك فإن مصيبتي بك أعظم ، وقد ورد عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا أصاب مصيبة (١) فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب ، وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : من عظمت مصيبته فليذكر مصيبته بي فإنها ستهون عليه ، أو المعنى أني أتأسى وأقتدي في صبري على هذه المصيبة بصبري في مصيبتك ، فالمراد « بسنتك في فرقتك » بسنة فرقتك ، والأول أظهر.
ويحتمل أن يكون التأسي بمعنى التعزي ، أي تصبري بسبب الاقتداء بسنتك
__________________
(١) كذا في النسخ والظاهر « إذا أصاب احدكم ... ».