.................................................................................................
______________________________________________________
ووضع كل جزاء في موضعه وإيصال كل ذي حق إلى حقه ، فليس الأمر في معنى ذلك ما ذهب إليه أهل الحشو من أن في القيامة موازين كموازين الدنيا لكل ميزان كفتان توضع الأعمال فيها ، إذ الأعمال أعراض والأعراض لا يصح وزنها ، وإنما توصف بالثقل والخفة على وجه المجاز ، والمراد بذلك أن ما ثقل منها هو ما كثر واستحق عليه عظيم الثواب ، وما خف منها ما قل قدره ولم يستحق عليه جزيل الثواب ، والخبر الوارد أن أمير المؤمنين عليهالسلام والأئمة من ذريته عليهمالسلام هم الموازين ، فالمراد أنهم المعدلون بين الأعمال فيما يستحق عليها والحاكمون فيها بالواجب والعدل ، ويقال : فلان عندي في ميزان فلان ويراد به نظيره ، ويقال : كلام فلان عندي أوزن من كلام فلان ، والمراد به أن كلامه أعظم وأفضل قدرا ، والذي ذكره الله تعالى في الحساب والخوف منه إنما هو المواقفة على الأعمال ، لأن من وقف على أعماله لم يتخلص من تبعاتها ومن عفا الله عنه في ذلك فاز بالنجاة ، ومن ثقلت موازينه بكثرة استحقاق الثواب فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه بقلة أعمال الطاعات فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ، والقرآن إنما أنزل بلغة العرب وحقيقة كلامها ومجازه ، ولم ينزل على ألفاظ العامة وما سبق إلى قلوبها من الأباطيل ، انتهى.
وقال بعض المحققين : ميزان كل شيء هو المعيار الذي به يعرف قدر ذلك الشيء فميزان يوم القيامة للناس ما يوزن به قدر كل إنسان وقيمته على حساب عقائده وأخلاقه وأعماله ، لتجزي كل نفس بما كسبت ، وليس ذلك إلا الأنبياء والأوصياء ، إذ بهم وباقتفاء آثارهم وترك ذلك والقرب من طريقتهم والبعد عنها يعرف مقدار الناس وقدر حسناتهم وسيئاتهم ، فميزان كل أمة هو نبي تلك الأمة ووصي نبيها ، والشريعة التي أتى بها فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم.
أقول : وقد أشبعنا الكلام في ذلك في كتاب بحار الأنوار.