تَوْبَتُهُمْ » (١).
______________________________________________________
كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً ، بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً » وليس فيها « لن تقبل توبتهم » نعم في سورة آل عمران (٢) : « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ » ولعله عليهالسلام أو الراوي ذكر آية النساء وضم إليها بعض آية آل عمران للتنبيه على أن مورد الذم في الآيتين واحد ، وأن كل واحدة منهما مفسرة للأخرى لأن قوله : « لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ » وقع في موقع « لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ » لإفادته مفاده.
واختلف المفسرون في مورد نزول الآية الأولى ، فقيل : هم الذين آمنوا بموسى ثم كفروا بعبادة العجل وغير ذلك ثم آمنوا بعيسى ثم كفروا به ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقيل : المراد آمنوا بموسى ثم كفروا بعده ثم آمنوا بعزير ثم كفروا بعيسى ، ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وقيل : عنى به طائفة من أهل الكتاب أرادوا تشكيك نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكانوا يظهرون الإيمان بحضرتهم ثم يقولون عرضت لنا شبهة في أمره ونبوته فيظهرون الكفر ثم ازدادوا كفرا بالثبات عليه إلى الموت ، وقيل : أن المراد به المنافقون ، آمنوا ثم ارتدوا ثم ماتوا على كفرهم ، وقال ابن عباس : دخل في هذه الآية كل منافق كان في عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في البر والبحر.
أقول : ويدل عليه قوله تعالى فيما بعد : « بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ » وقال الطبرسي (ره) « لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ » بإظهارهم الإيمان فلو كانت بواطنهم كظواهرهم في الإيمان لما كفروا فيما بعد ، « وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً » إلى الجنة ، وقال البيضاوي « لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً » إذ يستبعد منهم أن يتوبوا عن الكفر ويثبتوا على الإيمان ، فإن قلوبهم قد ضربت بالكفر وبصائرهم عميت عن الحق لا أنهم لو أخلصوا الإيمان لم تقبل منهم ولم يغفر لهم.
__________________
(١) راجع الشرح.
(٢) الآية : ٩٠.