٣ ـ ثم فطم من ذلك فاجرى له رزقا من كسب ابويه ورافة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك ، حتى انهما يؤثرانه على انفسهما في احوال كثيرة.
حتى اذا كبر وعقل واكتسب وضاق به امره وظن الظنون بربه وجحد الحقوق في ماله ، وقتر على نفسه وعياله مخافة اقتار رزق وسوء يقين بالخلق من الله له في العاجل والآجل ! بئس العبد هذا يا بني. (١)
يا بني : واقنع بما قسم الله لك يصف عيشك وتسر نفسك وتستلذ حياتك ، وان اردت ان يجمع لك غنى الدنيا فاقطع طمعك عما في ايدي الناس ، فان ما بلغ الانبياء والصديقون ما بلغوا الا يقطع طمعهم عما في ايدي الناس.
يا بني : وكن مقتصدا ولا تكن مبذرا ، ولا تمسك المال تقتيرا ولا تعطه تبذيرا.
يا بني : اني قد ذقت الصبر وانواع المر فلم ار امر من الفقر ، فان افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك وبين الله ، ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم.
وروي : ان مولاه دخل المخرج فاطال الجلوس ، فناداه لقمان : ان طول الجلوس على الحاجة يفجع منه الكبر ، ويورث الباسور ، ويصعد الحرارة الى الرأس ، فاجلس هونا وقم هونا (٢).
وروي : انه قدم من سفر لقي غلامه في الطريق فقال : ما فعل ابي؟ قال : مات ، قال : ملكت امري ، قال : ما فعلت امرأتي؟ قال ماتت ، قال اجدد فراشي ، قال : ما فعلت اختي؟ قال : ماتت ، قال : سترت عورتي ، قال : ما فعل اخي؟ قال :
__________________
١ ـ الخصال : ج ١ ص ٦٠ عنه البحار : قصص لقمان.
٢ ـ عرائس المجالس ص ٣١٣.