كان يحيى عليهالسلام من البكائين من خشية الله ، فنظر ذات يوم الى ما قد نحل جسمه ، فأوحى الله تعالى :
يا يحيى اتبكي مما قد نحل من جسمك ، وعزتي وجلالي لو اطلعت على النار اطلاعة ، لتدرعت مدرعة من الحديد فضلا عن المنسوج ، فبكى حتى اكلت الدموع لحم خديه.
فقال زكريا لولده يحيى : يا بني ما يدعوك الى هذا انما سألت ربي ان يهبك لي لتقر بك عيني؟ قال : انت امرتني بذلك يا ابة ، قال : ومتى ذلك يا بني؟
قال : الست القائل : « ان بين الجنة والنار لعقبة لا يجوزها الا البكاؤون من خشية الله؟ » قال : بلى ، فجد واجتهد وشانك غير شاني.
وكان زكريا عليهالسلام اذا اراد ان يعظ بني اسرائيل يلتفت يمينا وشمالا فان رأى يحيى لم يذكر جنة ولا نارا.
فجلس ذات يوم يعظ بني اسرائيل ، واقبل يحيى قد لف رأسه بعباءة ، فجلس في غمار الناس ، والتفت زكريا يمينا وشمالا فلم ير يحيى ، فانشأ يقول :
حدثني حبيبي جبرئيل عن الله تبارك وتعالى ، ان في جهنم جبلا يقال له السكران في اصل ذلك الجبل واديا يقال له الغضبان ، يغضب لغضب الرحمن تبارك وتعالى ، في ذلك الوادي جب قامته مائة عام ، في ذلك الجب توابيت من نار ، في تلك التوابيت صناديق من نار وثياب من نار ، وسلاسل من نار ، واغلال من نار.
فرفع يحيى رأسه فقال : واغفلتاه من السكران ، ثم اقبل هائما على