فهل هذا الافتراض كاف لاقامة الحجة علىٰ الناس ؟ وكيف سيتمُّ التعامل مع الكتاب والسنّة ؟ كيف سيُعرف الناسخ والمنسوخ ، المحكم والمتشابه ، الخاص والعام ، ... ؟!
ألا يحتاج القرآن إلىٰ بيان صحيح وترجمة لمعانيه ؟ فهل مثل هذا الرأي يتناسب مع كمال الدين وإتمام النعمة ؟
إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند هؤلاء لم يضع برنامجاً متكاملاً لكيفية التعامل مع الكتاب والسنة ، وهذا ما لا يمكن تصديقه ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم ذاك الإنسان العظيم ذو النظر الثاقب الذي يرفض أنْ يرى بعين نبوته المستقبل القاتم للأمة وتشتتها وتناحرها ، وهو ذلك الحريص الرحيم الذي وصفه الله بأروع وصف : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (١).
فكيف نصدّق أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بيّن كيفيّة دخول الحمّام وآدابه الأخرىٰ ولم يشر إلىٰ مفتاح التعامل مع الكتاب والسنة ؟
إن عدم وجود برنامج مستقبلي يحفظ الكتاب والسنّة نصّاً ودلالة مدعاة لاختلاف الأمة وتفرقها.
روي عن عبد الوارث بن سعيد أنّه قال : « قدمت مكة فألفيت بها أباحنيفة ، فقلت له : ما تقول في رجل باع بيعاً وشرط شرطاً ؟ فقال : البيع باطل والشرط باطل.
فأتيت ابن أبي ليلىٰ فسألته عن ذلك ، فقال : البيع جائز والشرط باطل.
__________________
١) التوبة : ١٢٨.