فأتيت ابن شبرمة فسألته عن ذلك ، فقال : البيع جائز والشرط جائز.
فقلت في نفسي : سبحان الله ! ثلاثة من فقهاء العراق لا يتفقون علىٰ مسألة !
فعدت إلىٰ أبي حنيفة فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : نهىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن بيع وشرط ، فالبيع باطل والشرط باطل.
فعدت إلىٰ ابن أبي ليلىٰ فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن اشتري بريرة فأعتقها ، البيع جائز والشرط باطل.
قال : فعدت إلىٰ ابن شبرمة فأخبرته بما قال صاحباه ، فقال : ما أدري ما قالا لك ، حدثني مسعد بن كداح بن محارب بن دثار عن جابر قال : بعث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بعيراً وشرط حملانه إلىٰ المدينة البيع جائز والشرط جائز ! » (١).
وبعد غض النظر عن أمر الكتاب والسنة وجمعهما يعرض لنا اشكال آخر وهو : هل أشار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ الحوادث المستجدة وكيفيّة استنباط أحكامها ؟
ولربما سيُجاب علىٰ ذلك بأنّ هناك القياس والاستحسان وغيرهما من مصادر التشريع ، فالعلماء يرجعون إلىٰ هذه المصادر لاستنباط أحكام المسائل المستحدثة
ويبقىٰ اشكالنا في محله ، فمن أين اكتسبت هذه المصادر الصفة الشرعية
__________________
١) « التنبيه علىٰ الاسباب التي أوجبت الاختلاف بين المسلمين » للبطليوسي ١١٥ ـ ١١٧.