فيما آتاك الله من العلم ، وفتح لك من خزائنه ، فإن أحسنت في تعليم النّاس ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله ، وإن أنت منعت النّاس علمك وخرقت بهم عند طلبهم العلم ، كان حقّاً على الله عزّ وجل أن يسلبك العلم وبهاءه ، ويسقط من القلوب محلّك » (١).
وبالمقابل حدّد حق المعلّم على المتعلم بقوله : « حق سائسك بالعلم التّعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والإقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتى يكون هو الذي يُجيب ، ولا تُحدّث في مجلسه أحداً ، ولا تغتاب عنده أحداً ، وأن تدفع عنه إذا ذُكر بسوء ، وأن تستر عيوبه ، وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوّاً ، ولا تعادي له وليّاً ، فإذا فعلت ذلك شهد لك ملائكة الله بأنّك قصدته وتعلّمت علمه لله جلّ اسمه لا للنّاس » (٢).
لا يخفى بأنّ الإسلام جعل التفكير فريضة إسلامية. ومن يتدبر القرآن الكريم ، يجد آيات قد بلغت العشرات ، تأمر بالتفكر والتعقل في الانفُس والآفاق ، فلم يضع الإسلام القيود أمام حركة الفكر السليم الذي ينشد الحقيقة ، ويُثير الشك كمقدمة للوصول إلى اليقين. وقد أطلق النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم الفكر من عقال الجاهلية وجعله يتجاوز المحسوس بانطلاقه إلى عوالم الغيب إلى مال لا عين رأت ولا خطر على قلب بشر.
ولقد آمنت مدرسة أهل البيت عليهمالسلام بحرية التفكير والتعبير ؛ لغرض
__________________
(١) بحار الانوار ٢ : ٦٢.
(٢) شرح رسالة الحقوق ـ حسن السيد علي القبانچي ١ : ٤٠٩ ـ مؤسسة اسماعيليان ط ٢.