الناجح الذي يقدّر العلم حقّ قدره ، وقد جمع إلى علميته الفذّة أخلاقية عالية. قال الحسن بن زياد : سمعتُ أبا حنيفة وقد سُئل عن أفقه من رأيت ، قال : جعفر بن محمد. وقال ابن ابي ليلى : ما كنتُ تاركاً قولاً قلته أو قضاءً قضيته لقول أحد إلاّ رجلاً واحداً هو جعفر بن محمد (١). وقال فيه مالك بن أنس ـ أحد أئمة المذاهب الاربعة ـ : كنت أرى جعفر بن محمد. وكان كثير الدعابة والتبسم. فإذا ذكر عنده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اخضرَّ واصفرَّ .. (٢) ، وقال مالك أيضاً : ما رأت عيني أفضل من جعفر بن محمد فضلاً وعلماً وورعاً .. (٣). ثم أشاد بزهده وفضله. وعلى الرغم من كونه يمتاز بشخصية محببة كانت له هيبة وجلالة في قلوب الناس.
روى أبو نعيم في الحلية بسنده عن عمرو بن المقدام ، قال : كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد علمت أنّه من سلالة النبيين (٤).
الإسلام دين التآخي والتآلف ، يُقدم المثل الصالح في نسج علاقات تقوم على الاُخوّة الصادقة. ويعتبر المقياس الصحيح للاُخوّة هو ذاك المستند إلى الحقوق المتقابلة. فكل إخلال بها سوف ينعكس سلبا على رابطة الإخاء ويحقق علاقة غير سليمة بين الطرفين ، بل مشحونة بروح العداء وتؤدي إلى القطيعة والجفاء. وضرب لنا الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم المثل
__________________
(١) في رحاب أئمة أهل البيت ٢ : ٤٣.
(٢) الإمام جعفر الصادق ، المستشار عبدالحليم الجندي : ١٥٩ ، طبع القاهرة ١٩٧٧ م ـ ١٣٩٧ ه.
(٣) في رحاب أئمة أهل البيت ٢ : ٣١.
(٤) في رحاب أئمة أهل البيت ٢ : ٣١.