وهناك نقطة جوهرية كانت مثار اهتمام الأئمة عليهمالسلام وهي ضرورة تحصين عقول الناشئة من الاتجاهات والتيارات الفكرية المنحرفة من خلال تعليمهم علوم أهل البيت عليهمالسلام واطلاعهم على أحاديثهم ، وما تتضمنه من بحر زاخر بالعلوم والمعارف. وحول هذه النقطة بالذات ، يقول الإمام علي عليهالسلام : « علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به لا تغلب عليهم المرجئة برأيها » (١) ، وقال الإمام جعفر الصادق عليهالسلام : « بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن يسبقكم اليهم المرجئة » (٢).
ومن المعلوم أن فكر المرجئة حينذاك يملي للظالمين ويمدّ لهم حبال الأمل في النجاة ؛ لأنه يرفض الثورة على الحاكم الظالم ، ويُرجيء حسابه إلى يوم القيامة ، ويعتبر الفاسق الذي يرتكب الكبائر مؤمناً ! لأجل ذلك النشء اهتم الأئمة عليهمالسلام بتحصين فكر النشىء الجديد ضد التيارات الفكرية المنحرفة والوافدة ، من خلال الدعوة إلى تعليم الأطفال الافكار الإسلامية الأصيلة التي تُستقى من منابع صافية.
إنّ النظرة التمييزية للأطفال ـ وخصوصاً بين الذكر والأنثى ـ تزرع بذور الشقاق بين الأشقاء ، وتحفر الاَخاديد العميقة في مجرى العلاقة الاَخوية بينهما ، فالطفل ذو نفسية حساسة ، ومشاعره مرهفة ، فعندما يحسّ أنّ والده يهتم كثيراً بأخيه ، سوف يطفح صدره بالحقد عليه. وقد يحدث أن
__________________
(١) الوسائل ٢١ : ٥٧٨ / ٥ باب ٨٤ من أبواب أحكام الأولاد.
(٢) فروع الكافي ٦ : ٥٠ / ٥ باب تأديب الولد ، وعنه في تهذيب الاحكام ٨ : ١١١ / ٣٨١ ، والوسائل ٢١ : ٤٧٦ ـ ٤٧٧ / ١ باب ٨٤ من أبواب أحكام الأولاد.