أحدَ الوالدين أو كليهما يحب أحد أولاده ، أو يعطف عليه ـ لسبب ما ـ أكثر من إخوته ، وهذا أمر طبيعي وغريزي ، ولكن إظهار ذلك أمام الإخوة ، وإيثار الوالدين للمحبوب بالاهتمام والهدايا أكثر من إخوته ، سوف يؤدي إلى تعميق مشاعر الحزن والأسى لدى الآخرين ، ويفرز مستقبلاً عاقبةً قد تكون وخيمة. وعليه فالتزام العدالة والمساواة بين الاولاد يكون أشبه بمانعة الصواعق ، إذ تحيل العدالة والمساواة من حصول أدنى شرخ في العلاقة بين أفراد الأسرة ، وإلاّ فسوف تكون عاملاً مشجعاً لانطلاق مشاعر الغيرة والحقد فيما بينهم.
وفي قصة يوسف عليهالسلام درس في كيفية معاملة الأبناء بالعدل والمساواة .. فهذا يوسف قريب من قلب والده يعقوب عليهالسلام لأنه توسّم فيه أَمارات النبوّة ، لذا آثره على إخوته ، فأثار ذلك حفيظتهم وبغضاءهم ، وظهرت أمارة ذلك عليهم ، مما دفع يعقوب عليهالسلام إلى تحذير يوسف عندما قصَّ عليه رؤياه وما تحمل من إرهاصات في رفعته وعلوّ شأنه ، بأنْ قال له : ( يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتِك فيكيدوا لك كيداً ) ( يوسف ١٢ : ٥ ).
ويحث الأئمة عليهمالسلام على الاستفادة من هذا الدَّرس القرآني الذي لا يُنسى ، وقد وضعوه نصب أعينهم.. فعن مسعدة بن صدقة قال : قال جعفر ابن محمد عليهالسلام : « قال والدي عليهالسلام : والله إنّي لأصانع بعض ولدي ، وأجلسه على فخذي ، وأُكثر له المحبّة ، وأكثر له الشّكر ، وإنّ الحقّ لغيره من ولدي ، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره ، لئلا يصنعوا به ما فعل بيوسف إخوته .. » (١).
__________________
(١) تفسير العياشي ٢ : ١٦٦ / ٢.