مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ) (١).
« ذَلُولاً » أي لينة يسهل لكم السلوك فيها و « مَناكِبِها » جبالها أو جوانبها وهو مثل لفرط التذلّل فإنّ منكب البعير ينبو عن أن يطأه الراكب ولا يتذلّل له فإذا جعل الأرض في الذلّ بحيث يمشي في مناكبها لم يبق شيء منها لم يتذلّل وفي الآية دلالة على جواز طلب الرزق خلافا للصوفية حيث منعوا من ذلك لاشتماله على مساعدة الظلمة بإعطاء التمغاء والباج وهو جهل منهم فإنّ ذلك الإعطاء غير مقصود بالذات بل لو أمكن المنع لما أعطوا شيئا وفي الحديث أنّه لمّا نزل « وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » (٢) انقطع رجال من الصحابة في بيوتهم واشتغلوا بالعبادة وثوقا بما ضمن الله لهم فعلم النبيّ صلىاللهعليهوآله بذلك فعاب عليهم ذلك وقال : إنّي لأبغض الرجل فاغرا فاه إلى ربّه يقول اللهمّ ارزقني ويترك الطلب » (٣).
ثمّ طلب الرزق ينقسم بانقسام الأحكام الخمسة واجب وهو ما اضطرّ الإنسان إليه ولا جهة له غيره ، وندب وهو ما قصد به زيادة [ في ] المال للتوسعة على العيال وإعطاء المحاويج والافضال على الغير ، ومباح وهو ما قصد به جمع المال الخالي عن جهة منهيّ عنها ، ومكروه وهو ما اشتمل على ما ينبغي التنزه عنه ، وحرام وهو ما اشتمل على وجه قبح.
وفي طلب الحلال للعود على العيال أجر عظيم قال النبي صلىاللهعليهوآله : « الكادّ على عياله كالمجاهد في سبيل الله (٤) ».
__________________
(١) الملك : ١٥.
(٢) الطلاق : ٣.
(٣) أخرجه في المستدرك عن غوالي اللئالي ج ٢ ص ٤١٥.
(٤) الكافي ج ٥ ص ٨٨.