المعنى هنا قريب ممّا تقدّم ، وذكر الأمر بالشكر دليل على كون الطيّب هنا منتفعا به حسنا وإلّا لما وجب الشكر في مقابله ، لأنّ الشكر إنّما يجب في مقابلة النعمة ، وفيه إشارة إلى كون العبادة قد يقع شكرا.
القسم الثاني
ما فيه إشارة إلى تحريم أشياء على التعيين
وفيه آيات :
الاولى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلّا ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ ) (١).
قد تقدّم البحث في صدر هذه الآية في كتاب الصّلاة فلا وجه لإعادته فلنذكر المهمّ منها فنقول أشار في هذه الآية إلى تحريم أشياء كانت الجاهليّة لا تحرّمها :
١ ـ الميتة وهي ما فاتت حياته لا على وجه التذكية الشرعيّة ، واستثنى النبيّ صلىاللهعليهوآله من ذلك السّمك والجراد بقوله « أحلّ لكم ميتتان ودمان » (٢).
٢ ـ الدّم وكانوا يأكلونه أنواعا من الأكل منها العلهز ، كما قال عليّ عليهالسلام في بعض كلامه تقريعا للعرب ، وبيانا لنعمة الله عليهم بتحريم الخبائث بقوله « تأكلون العلهز » وهو أن يجعل الدّم في المصارين والمباعر ويشوونها ويأكلونها ثمّ إنّ الدّم استثنى منه الطحال على قول ، والأولى تحريمه نعم الدّم المستخلف في تضاعيف اللّحم حلال طاهر لإجماع الفقهاء عليه ، وقيل التحريم في موضع آخر بكونه مسفوحا أي سائلا وذلك إنّما يكون ممّا في العروق ، ويلزم من ذلك أنّ
__________________
(١) المائدة : ٣.
(٢) أخرجه في مشكاة المصابيح ص ٣٦١ والدمان : الكبد والطحال ، والميتتان : الجراد والحوت.