لئلّا يلزم التكرار لو أريد الثاني أي كلوا ما جمع وصفي الحلّ واللّذّة ثمّ الخبيث يقال في مقابلة الطيّب في معانيه وهنا فوائد :
١ ـ ظاهر الآية إباحة الانتفاع بالأشياء المحلّلة المستلذّة لكنّه على الاجمال فبيانه إمّا بالكتاب أو السنة.
٢ ـ يحتمل أن يراد بالطيب هنا المعنى الرابع ، فيدلّ على تحريم ما فيه أذى في البدن إمّا مرض أو هلاك أو في النفس إما إذهاب عقل أو شيء من الإدراكات فعلى هذا لو كان قليله لا يؤذي في البدن بل كثيره حرم القدر المؤذي لا غير أمّا ما يذهب العقل كثيره دون قليله فيحرم كلّه لاقتضاء الحكمة المحافظة على العقل ولأنّه لو أبيح القليل لأدّى إلى الاشتمال ، وعدم المبالاة لغلبة الشهوة على النفس بخلاف الأذى البدني فانّ الحيوان بطبعه يحاذر على بدنه ، ويمتنع من المؤذي له ، فلم يحتج إلى تأكيد تحريم ما يؤذيه.
٣ ـ « مِمّا فِي الْأَرْضِ » « من » للتبعيض و « ما » للعموم ، فيشمل النبات والحيوان والمعدن وقد خصّ ذلك العموم الكتاب والسنّة بتحريم أشياء يأتي بعضها هنا.
٤ ـ قيل إنّ الله تعالى حافظ كلّ شريعة بحفظ خمسة أشياء الأوّل النفوس بشرع القصاص ، الثّاني : الدين بعقاب المرتدّ ، الثّالث : النسب بتحريم الزّنا ووجوب الحدّ عليه ، الرّابع الأموال بتضمين الغاصب والسّارق وتعزير الأوّل وقطع الثّاني الخامس : العقول بتحريم المسكرات وإيجاب الحدّ في تناولها.
الثالثة ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَاشْكُرُوا لِلّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) (١).
__________________
(١) البقرة : ١٧٢.