القسم الثاني
في البحث عن أشياء يحرم التكسب بها أشير إليها في القرآن
وفيه آيات :
الاولى ( قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (١).
أي خزائن أرض مصر واللّام للعهد لأنّه لم [ يكن ] يملك سواها. لمّا قال له الملك « إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ » فوصفه بوصفين صالحين للولاية ، وجد فرصة للسؤال فسأل الولاية وقال « إِنِّي حَفِيظٌ » أي حافظ لما تستحفظنيه « عَلِيمٌ » أي عالم بوجوه التصرفات.
واستدلّ الفقهاء بهذه الآية على جواز الولاية من قبل الظالم إذا عرف المتولّي من حال نفسه وحال المنوب [ عنه ] أنّه يتمكّن من العدل ولا يخالفه المنوب عنه كحال يوسف عليهالسلام مع ملك مصر ، والّذي يظهر لي أنّ نبيّ الله أجل قدرا من أن ينسب إليه طلب الولاية من الظالم وإنّما قصد إيصال الحقّ إلى مستحقّه لأنه وظيفته.
واعلم أنّ الولاية تنقسم أقساما : الأوّل : أن تكون من قبل الامام العادل إلزاما فيجب قبولها الثاني : أن يأمره لا إلزاما فيستحب قبولها الثالث : أن لا يأمره بها ويكون مستعدّ لها وليس هناك مستعدّ سواه ولم يعلم به الامام فيستحبّ طلبها الرابع : الفرض بحاله ويكون هناك مستعدّ آخر فيباح طلبها ولا يستحبّ لجواز أن لا يكون صالحا لها من جهة لا يعلمها الخامس : أن لا يكون مستعدّا [ لها ] ولم يأمره الإمام بها فيكره له طلبها بل قد يحرم للزوم القبح لو ولّاه أو العبث إن لم يولّه ، السادس الولاية من قبل الجائر ولم يتمكّن من العدل ولم يلزمه بها فيحرم
__________________
(١) يوسف : ٥٥.