مفرد مثل عنق وجمعه أنصاب كأعناق وهي حجارة منصوبة حول البيت كانوا يذبحون عليها ويشرحون اللّحم عليها ، يعظّمونها بذلك ويتقرّبون به إليها وقيل هي الأصنام و « على » إمّا بمعنى اللّام وإمّا على أصلها ، فتقديره وما ذبح مسمّى على الأصنام والاستقسام طلب معرفة ما قسّم له ممّا لم يقسّم « والأزلام » تقدّم معناها.
وهنا فوائد :
١ ـ أنّ الأشياء الّتي ذكرها من المنخنقة والموقوذة إلى آخرها إمّا أن يكون ميتة ، أولا؟ فإن كان الأوّل فذكر الميتة أغنى عن ذكرها ، وإن كان الثاني لزم وجود واسطة بين الميّت والحيّ وهو باطل ، والجواب : إنما ذكرها لأنّهم ما كانوا يعدّونها ميتة بل من قسم المذبوحات ، ويخصّون الميتة بما يموت حتف أنفه فعرّفهم أنّ حكم الجميع واحد.
٢ ـ لهذه الآية نظير وهي قوله في البقرة « إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ » (١) وهنا وفي الأنعام والنحل قال « لِغَيْرِ اللهِ بِهِ » فهل بينهما فرق أم لا؟ قيل الأصل هو الأوّل لأنّ الباء المعدّية للفعل بمنزلة جزء منه ، فيكون أحقّ بالتقديم ، بخلاف ما يتعدّى باللّام ، فإنّه ليس كالجزء ثمّ لمّا كان الإهلال بالمذبوح لا يستنكر إلّا إذا كان لغير الله ، فيكون ذلك المستنكر ممّا يتعلّق الاهتمام به قدّم في الموضعين الآخرين.
فالحاصل أنّ في البقرة قدّم الباء لأنّه الأصل ولأنّه كالجزء وفي الآخرين قدّم « لِغَيْرِ اللهِ » لشدّة الاهتمام كما يقدّم بعض المفعولات على فاعله.
٣ ـ لمّا كان الحكم اللّاحق بالجملة لمعنى يوجد في شيء من أجزائها ألحق. بالميتة ما أبين من حيّ ، لوجود معنى التحريم ، وهو الموت وفقد الحياة.
الثانية ( قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلّا أَنْ
__________________
(١) البقرة : ١٧٣ ، الانعام : ١٤٥ ، النحل : ١١٥.