يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) (١)
تقدّم ما يغني عن تفسير هذه ، و « فِسْقاً » منصوب ، عطفا على « مَيْتَةً » وقوله « أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ » محلّه النصب صفة لفسقا.
وهنا سؤال : وهو أنّه قد وجد كثير من المحرّمات ، وهو غير مذكور في الآية فكيف يقول لا أجد إلّا كذا الدالّ على الحصر ، وكذا في قوله « إِنَّما حَرَّمَ » وإنّما للحصر.
والجواب أنّ اوحي فعل ماض « وأجد » للحال فمنطوقها لا أجد فيما اوحي إلىّ في الماضي غير هذه الأربعة ، وليست هذه الآية آخر ما نزل عليه صلىاللهعليهوآله فجاز أن يكون جاءه تحريم أشياء بعد نزولها ، وكذا الكلام في « إنّما » فانّ الحصر فيها للحكم الحاليّ.
قوله « فَإِنَّهُ رِجْسٌ » الضّمير للحم الخنزير ، وهو نص في نجاسته وهي معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه.
فائدة : روي أنّ ابن عبّاس وعائشة استدلا بهذه الآية على حلّ لحم الحمار وهو قريب وكذا تدلّ على حلّ لحم الخيل والبغال لأنّ منطوقها أنّ ما عدا المذكور حلال ، فمن ادّعى التحريم المتجدّد فعليه الدّلالة ، وقال بعض فقهاء العامّة يدلّ على تحريم الثلاثة قوله « وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً » (٢) ووجه الدلالة أنّه علّل خلقها بالرّكوب والزينة ، فلا يكون لها فائدة غيرهما. وهو غلط فإنّه لا يلزم من تعليل الشيء بما يقصد منه غالبا أن لا يقصد منه غير ذلك أصلا ، هذا وكونها زينة ومركوبة لا ينافي حلّها كما في الإبل فإنّ الأمرين حاصلان فيها مع حلّ لحمها.
__________________
(١) الانعام : ١٤٥.
(٢) النحل : ٨.