بعضا ، يقال داينت الرجل إذا عاملته بدين ، وفيه نظر المفرق بين التفاعل والمفاعلة فإنّ الأوّل لازم والثاني متعدّ ، تقول تضارب زيد وعمرو ، وضارب زيد عمروا فلا يجوز تفسير أحدهما بالآخر.
إن قيل : قوله « بِدَيْنٍ » لم يكن محتاجا إليه لأنّ الدين معلوم من لفظ « تَدايَنْتُمْ » ولو لم يذكره لكان الضمير عائدا إلى مصدر « تَدايَنْتُمْ » أجاب الزمخشري بأنّه لو لم يذكره لوجب أن يقول « فاكتبوا الدين » ولا يجيء بحسن ما ذكر من النظم وفيه نظر لأنّا نمنع وجوب ذكر الدين لما قلنا من عود الضمير إلى المصدر.
ويحتمل في الجواب أنّه لو لم يذكر الدّين وأعاد الضمير إلى المصدر ، لكان ينبغي أن يكتب المعاملة بالدين ، مع أنه لا حاجة إلى كتابتها ، بل يكتفي بكتابة الدين ، فلو باع نسيئة ليكتب المشتري للبائع الدين إلى أجل معلوم ، ولم يحتج إلى ذكر المبايعة وفيه أيضا نظر لأنّ كتبة المعاملة بالدّين أحرز وأضبط لدفع الدعوى بإنكار سبب الدين
وقيل : ذكره تأكيدا كقوله تعالى « ( طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ ) (١) » وقيل ليرفع احتمال [ كون ] التداين من المجازاة كقولهم « كما تدين تدان » فيزول الاشتراك وهو حسن.
إذا عرفت هذا ففي الآية أحد وعشرون حكما بل ربّما يذكر فيها فوائد تزيد على ذلك :
١ ـ إباحة الاستدانة لأنّها ممّا قد يضطرّ الإنسان إليه في معاشه ، فتكون سائغة ولأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله استدان ، وكذا عليّ عليهالسلام وجماعة من الأئمّة عليهمالسلام نعم هو من غير ضرورة مكروه لقوله صلىاللهعليهوآله « إيّاكم والدين فإنّه مذلّة بالنهار ، ومهمّة باللّيل (٢) » وقد يحرم إذا لم يكن له ما يقضيه به ، فإنّه خديعة ، قاله
__________________
(١) الانعام : ٣٨.
(٢) الكافي ج ٥ ص ٩٥.