جاز له أخذ الأجرة من الآمر بالكتابة لأصالة عدم وجوب بذل المنفعة مجّانا.
ب : أخذ المداد من بيت المال ، وكذا الورق المكتوب فيه لأنّه من المصالح أيضا وإن لم يوجد فمع أخذ الكاتب الأجرة يجب عليه المداد ، ولا يجب عليه القرطاس بل هو على صاحب الدين لأنّه لمصلحته ، ولا يجب على المديون قطعا.
٧ ـ « كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ » قيل : هو متعلّق ب « يَأْبَ » أي لا يأب كاتب أن يكتب كما علّمه الله ، فيكون « فَلْيَكْتُبْ » أمرا بعد النهي تأكيدا كقولك لعبدك لا تقعد هنا قم ، ويحتمل أن يكون متعلّقا بالأمر أي فليكتب كما علّمه الله وحينئذ يحتمل معنيين :
أحدهما كما علّمه الله تفضّلا منه فليتشبّه بأخلاق الله ، وليتفضّل بكتابة الدين كما تفضّل الله عليه كقوله تعالى ( وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ ) (١).
وثانيهما أمره بأن يكتب كما علّمه الله من الفقه في تلك المعاملة بحيث لا يكتب شيئا يخالف مقتضاها ممّا فيه ضرر أو بخس على المتعاملين ، فعلى الأوّل الأمر للندبيّة وعلى الثاني للوجوب وعلى الاحتمال الأوّل يكون النهي السابق مقيّدا وعلى الثاني يكون مطلقا.
٨ ـ « وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ » الإملال والإملاء بمعنى واحد وقد ورد بهما القرآن كقوله ( فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ ) (٢) وإنّما وجب كون المملل : الّذي عليه الحقّ ، لأنّه المشهود عليه ، ثمّ إنّ هذا المملي يجب عليه تقوى الله فيما يملله ، ولا يبخس من الحقّ الّذي عليه شيئا ، والبخس النقص ، وإنّما أمره ونهاه لجواز أن يكون صاحب الحقّ أمّيا مغفّلا لا خبرة له بالأمور ، فلو لم يستعمل المديون الورع في إملائه لزم إضرار الدائن وهو حرام.
٩ ـ « فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ » السفيه المبذّر وهو الّذي يصرف أمواله في غير الأغراض
__________________
(١) القصص : ٧٧.
(٢) الفرقان : ٥.