اعلم ان قدام الجليدية رطوبة أرقّ قواما من الزجاجية يقال لها الرطوبة البيضية. سميت بذلك لكونها في قوام رقيق بياض البيض ولونها صاف يميل الى بياض شفاف ويرشح من العنبية اليها ما يغذيها. وطبعها الى البرد. والرطوبة ما هو (١٠٢) ومنفعتها انها ترطب الجليدية لئلا تجف بحرارة الهواء من خارج وتمنع خشونة خمل العنبي لأن لا يلاصق الجليدية وهي مع ذلك تقبل نفوذ المبصرات بصفائها. وانما جعلت ارق قواما لأنها بمعرض من الجفاف بالحرارة التي من داخل وحرارة الهواء من خارج. وتكاد تسيل لو لم تمسكها العنكبوتية كما نذكر. وكلما كانت أرق وأصفى ، كانت أعون في تأدية المرئيات (١٠٣) الى الجليدية. وهذه الرطوبات متقاربة في اللون الا انها مختلفة في القوام وتحوي بعض هذه الرطوبة بعض الشبكية وليس في شيء من الرطوبات عرق لا ضارب ولا غير ضارب (١٠٤).
_________________
١٠٢) هكذا في الاصل. يريد ان طبيعة الرطوبة البيضية تميل الى البرد والرطوبة ـ المختارات في الطب للجوهري ج ١ ص ٥١ ـ.
١٠٣) في الاصل : كانت اعون في تاديه المربيات
١٠٤) في الاصل : وليس في شيء من الرطوبات عرق ضارب ولا غير ضارب : ـ يريد ان غذاء الرطوبات يتم بواسطة الارتشاح من الطبقة المشيمية حيث لا وجود للاوعية الدموية فيها. ويعتمدون على قول الفاضل جالينوس : ان ليس في شيء من هذه الرطوبات الثلاث التي في العين عروق ضوارب ولا غير الضوارب. واريباسوس يقول في المقاله السابعة من كتابه : انها تغتذي على طريق الرشح ـ انظر تذكرة الكحالين ص ٢٧ ـ. والطب الحديث يقول : ان اللنف يغذيها وان الرطوبة البيضية هي ما ندعوها اليوم بالخلط المائي. وفي العين فجوتان تدعيان بالغرفتين احداهما خلف القرنية والثانية خلف القزحية. وكلتاهما مملوءتان بسائل شفاف يسمى الخلط المائي Humeur Aqueuse اي الرطوبة البيضية. وبهذه المناسبة ان القرنية والخلط المائي في الغرفة الامامية والخلط المائي في الغرفة الخلفية والمماس لمحفظة الجسم البلوري والجسم الزجاجي جميعها من الاوساط الانكسارية التي تخترقها الاشعة القادمة من الجسم المنظور لتنطبع على الشبكية كما سيأتي ايضاحه في الهوامش القادمة.