أغشية. ويلطف كلما سلك مسالك ضيقة بالحركة النارية التي فيه. وتندفع عنه الى المنخرين ما يخالطه من الاكدار فتهذب. والكبد لها من ذلك فعل وهو ان لطيف البخار الذي في الدم الكبدي اذا وصل الى القلب يصير كالمادة لهذا الروح. وقد اختلف القدماء من الاطباء والحكماء في كيفية الابصار. وانا أذكر الرأي الذي اعتقد. ثم احكي مذاهب اكثرهم في ذلك على الاختصار.
الفصل العشرون
في كيفية الابصار (١٢٣)
الابصار يكون بالمناظر التي تخرج من الحدقتين. وهذه المناظر كالخطوط المستقيمة تذهب على سمت واحد الى قدام على مثال ما
_________________
١٢٣) بحث المؤلفون من الكحالين العرب ، وبذلوا جهودا كبيرة لايضاح هذه الكيفيه معتمدين في ذلك على ما جاء من كتب جالينوس وايبوقراط ومدرستهما. وقد سبق ان ذكر مؤلفنا شيئا عن العصبتين المجوفتين اللتين يمر بهما الروح النفساني أو الروح الباصر. وقد ذكر ذلك كما جاء في المقالات العشر. ص ٩٢ وكما جاء في التذكرة ص ٣٢. جاء في التذكرة ص ٣٢ : اما العصب النوري فهو عصبتان. ومنشأ كل واحدة منهما من جانبي احد بطني الدماغ المقدمين. فاذا نشأتا لا تمضيان على استقامتهما لكونهما معوجتين في جوف عظم الرأس ، وتتصل احداهما بالاخرى بالقرن من المنخرين حتى يصير ثقباهما ثقبا واحدا (ومنها حاسة البصر).
وذكر قوم ان بهذا الاتصال تكون حاسة الشم. وقوم قالوا بنفس الدماغ تكون حاسة الشم ثم تمتزج كل واحدة منهما بالاخرى ثم تفترقان بعد اتصالهما على المكان حتى انهما تصيران على شكل الحاء في كتاب اليونانيين هكذا (*) أي تتصالبان ثم تذهب كل عصبة منهما الى العين المحاذية لمبدأ منشأها من الدماغ ، العصبة اليمنى الى العين اليمنى والعصبة اليسرى الى العين اليسرى (انظر المقالات ص ٩٢ ـ ٩٣).
ذكرنا هذا لايضاح كيفية الرؤيه بمرور الروح النفساني من هاتين العصبتين المجوفتين اللتين تتكون من نهايتهما الطبقة الشبكية (انظر تعليقنا رقم ١٤٢ رجاء).