واما بحسب الاصناف فان كل صنف من اصناف سكان المعمورة يختص اهله بمزاج في اعينهم متى كان لهم كانت أعينهم افضل ما ينبغي ان تكون عليه ، كبرد أعين الصقالبة ويبسها وحرارة أعين الحبشة ورطوبتها واعتدال مزاج سكان الاقليم الرابع. فلو فرضنا ان أعين الصقالبة كانت حارة رطبة كان القياس يقتضي ان يسرع اليها النزلات لحرارتها ورطوبتها لان العضو الحار يجذب الى نفسه اكثر من جذب البارد ، وفجوجة أدمغتهم تساعد على ذلك. ولو فرضنا ان أعين الحبشة باردة يابسة مع كثرة التحليل من ادمغتهم ونضجها لحرارة هوائهم وكثرة قرب مسامقة الشمس من رؤوسهم لكانت المواد تكثر عليها ويقل هضمها ويتولد في اجزائها سدد بسبب كثرة الفضلات وعدم التحليل الحاصل من بردها ويبسها وضيق مسامها. وقد نشاهد في الاقليم الرابع شيئا قريبا من ذلك ، وهو انه من كانت عينه كحلاء كأعين الحبشة حارة المزاج ، كثيرة انصباب المواد اليها الحارة (١٥٤) وغيرها.
ومن كانت عينه زرقاء يابسة المزاج لا سيما اذا كانت الرطوبة البيضية قد ساء مزاجها ، لم تدرك نهارا كما ينبغي ، وقد تدرك ليلا. وبالجملة كل من وجدت عينه في صنف على خلاف أعين ذلك الصنف ، فانه يكون خارجا عن الاعتدال فان الحكمة الالهية اقتضت ان يكونوا على ما هم عليه وما اقتضاه هواؤهم وماؤهم. وترى احوالهم تجري على أفضل ما ينبغي لهم (١٥٥). واما الاعتدال المعتبر
_________________
١٥٤) في الاصل : وهو انه من كانت عينه لحلاء جا على الحبشة حارة المزاج كثيرا انصباد المواد. والاقليم الرابع يعني بلاد فارس وخرسان.
والعين الكحلاء هي العين الشديدة السواد. واعين الحبشه يعنى بها اعين الاحباش وهم سكان بلاد الحبشة.
١٥٥) في الاصل : وما اقتصاه هو اهم وما هم.