ما يحدثه من الصداع ليس هو شيئاً يكون منه لكثرة ما يولده من الرياح البخارية لأنه لو كان كذلك لكان ينفخ البطن ويهيج شهوة الجماع كما يفعل الجرجير ، ولكن إذا كان ليس إنما لا يهيج الجماع فقط ، بل شأنه قطعه ومنعه ، فقد علم أن قوته في الإسخان والتجفيف مثل قوة السذاب ، ولكنه ليس بمساوٍ له بل هو أقل منه في الأمرين جميعاً لأن السذاب أكثر إسخاناً منه وأكثر تجفيفاً وهو أيضاً مباين له في نفس قوّته وطعمه ، وذلك أن بزره وورقه يتبين فيهما شيء من القبض يسير ، وأما السذاب فهو إذا جف كان صادق المرارة حريفاً ، وإذا كان طرياً كانت مرارته يسيرة وليس فيه قبض البتة ، وإن رأى إنسان أن فيه من القبض شيئاً يسيراً خفياً غير مساوٍ للقبض الذي يكون في البنجنكشت ، ولذلك صار بزر البنجنكشت أنفع للكبد والطحال إذا كانت فيهما سدد من بزر السذاب ، ويحسب هذا الغرض الذي قد قصدناه حسبناه ههنا لأن تعلم أن قوّته حارة يابسة ليست باعتدال لكن قوية ، وأنه ملطف كثير التلطيف ، فإن من علم هذا من أمره ثم يعلم الطريق المؤدي إلى حيلة البرء واستخرجه يجد من نفسه كيف يدر الطمث إن أراد إدراره بهذا الدواء وكيف يحلل الأورام الصلبة الحادثة في الأعضاء وكيف يذهب أيضاً الإعياء إذا عمل منه مروخاً مسخناً. ديسقوريدوس : وقوته مسخنة ملينة قابضة وثمره إذا شرب نفع من نهش الهوام والمطحولين والمحبونين ، وإذا شرب منه وزن درخمي بالشراب أدرّ الطمث واللبن وهو يضعف قوّة المني ويعمل في الرأس ويحدث سباتاً وطبيخه مع ثمره إذا جلس فيه نفع من أوجاع الرحم وأورامه الحارة ، وثمره إذا شرب مع القوتنج البري وتدخن به أو احتمل أدر الطمث ، وإذا تضمد به أبرأ من الصداع ، وقد يخلط بخل وزيت عذب ويصب على الرأس ممن كان به المرض الذي يقال له ليبرعس ، ومن المرض الذي يقال له قرانيطس ، وورقه إذا تدخن به وإذا افترش يطرد الهوام ، وإذا تضمد به نفع من نهش الهوام ، وإذا خلط بزبد وورق الكرم لين جساء الأنثيين ، وإذا تضمد بتمره بالماء سكن الوجع العارض من شقاق المقعدة ، وإذا خلط بالورق أبرأ من الخراجات والتواء العصب والجراحات ، وقد يظن به قوم أنه إذا عملت منه عصا وتوكأ عليها المشاة والمسافرون منعت عنهم الحفاء وسمي أعيس ، ومعناه الطاهر لأن المتزهدات من النساء يفترشنه في الهياكل ليقمع الشهوة ، وقيل له ليعيس لصلابة أغصانه.
بنطافلن : ومعناه ذو الخمسة أوراق ، ومنهم من سماه بنطاباطيس ومعناه ذو الخمسة أجنحة ، ومنهم من سماء بنطاطوس ، ومعناه المنقسم بخمسة أقسام ، ومنهم من سماه بنطادقطران ومعناه ذو الخمسة أصابع. ديسقوريدوس في الرابعة : هو نبات له نبت له قضبان دقاق طولها نحو من شبر وله ورق شبيه بِوَرق النعنع خمسة على كل قضيب وعسيراً ما يوجد أكثر من خمسة ، والورق مشرف من كل جانب مثل تشريف المنشار ، وله زهر لونه إلى البياض والصفرة وينبت في أماكن رطبة وقرب الأنهار ، وله أصل لونه إلى الحمرة مستطيل أغلظ من أصل الخربق الأسود وهو كثير المنافع. جالينوس في الثامنة : أصل هذا النبات يخفف تجفيفاً شديداً وليس له حدة ولا حرافة أصلاً فهو لذلك نافع جداً كنفع جميع الأشياء التي جوهره لطيف يجفف من غير لذع وتجفيفه كأنه في الدرجة الثالثة وليس فيه حرارة. ديسقوريدوس : وطبيخ الأصل إذا طبخ بالماء حتى ينقص الثلث وأمسك في الفم سكن وجع الأسنان ، وإذا تمضمض به