قائد ـ فرداً منهم يتحسس بما يؤلمهم ، ويفرح بما يسرهم وبالتالي يعيش أجواءهم المحيطة بهم : إن خيراً ، فخير ، وإن شراً فشر.
هذه النفسية الجبارة المتطامنة ، وهذا الحس المرهف الرقيق ، وهذه الهمة العالية ، وتلك الرحمة التي ينبع منها ، ويصب فيها ذلك القلب العطوف كل ذلك ، وأمثاله من الصفات الانسانية الطموح التي كانت تنحدر من علياء نفسية أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هي التي أهلته لأن يكون موضعاً للعناية الإِلهية يوم نزلت في حقه.
( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١).
وهكذا تتوالى الصور الحية لتعرض الآيات الكريمة هذا النوع من الانفاق المزدوج من حب الخير وتقديمه لوجه الله.
( لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ... وَآتَى المَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ ) (٢).
الانفاق المشرب بحب الله ، والانفاق المطعم بالتقرب إليه هو الداعي لهؤلاء للقيام بأعمالهم الخيرة لا اتيان المال ، وإنفاقه لاغراض دنيوية لا يراد بها وجه الله ، والدار الآخرة.
دروس بليغة يلقيها القرآن الكريم ليهذب النفوس ليؤطرها باطار الايمان ، والعبودية لله عز وجل لتكون بعيدة عن الصور المزيفة والتي لا يكون الخير فيها لانه خير ، وإحسان ، بل لانه مدعاة للعزة ، والرفعة وفي
__________________
(١) سورة المائدة : آية (٦٧).
(٢) سورة البقرة : آية (١٧٧).