هذا الصدد يعرض القرآن صورة أخرى من هذه الصور التي يكون الاحسان فيها مشوباً بالمنة.
لقد سأل الحرث بن نوفل بن عبد مناف النبي الأكرم (ص) في ذنب أذنبه فيأمره رسول الله (ص) أن يكفر فقال :
« لقد ذهب مالي في الكفارات ، والنفقات منذ دخلت دين محمد ».
ويحدث القرآن عن هذا بقوله تعالى :
( يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُّبَدًا ).
وفي اطار هذا الجواب تتمثل نفسية هذا المخلوق الشحيح الذي يهرب من طرق الخير الموصلة إلى النتائج الحسنة.
ولكن هل يترك ، وشأنه يكيل الدعاوي جزافاً ، وبغير حساب انه يقول ذهب مالي ، وأنفقت كثيراً منذ دخلت في دين محمد.
ومن وراء هذا الجواب يريد الاعتراض على الشريعة المقدسة المتمثلة في نظره بأنها تبتز أموال الناس ، وتلقي بها من هنا وهناك.
ولكن القرآن الكريم يقف له بالمرصاد ليحاسبه فيما ادعاه.
( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ).
لماذا أهلك ماله ؟.
ألم تكن له حاسة البصر يتمتع بها في مشاهدة صور الحياة ويتوصل بها إلى عظمة الله ، وقدرته في هذا الكون ، فيتدبر هذه القدرة الجبارة ، ويتعظ من وراء ذلك كله بما أودعه الله في عينيه من نعمة النظر ، ويفكر بعد ذلك فيما يوصله إلى ما فيه خيره ، وسعادته ؟.
( وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ).