وبهذه الاعضاء يتمكن من التعبير عما يجيش في النفس من متطلبات. فاللسان عضو وظيفته نقل ما ينطبع في النفس ليبرزه إلى الخارج وحينئذ ان خيراً فخير ، وإن شراً فشر.
فهو المرأة الحقيقية لما ينطبع على شاشة النفس.
وبالشفتين تتم مقاطع الكلام فيمكنه بذلك أن يظهر بهما الكلام الطيب الذي ينفع المجموعة ، ويأمر بمعروف ، وينهى عن منكر ، ويصلح بين اثنين.
( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ).
وبعد أن أكمل عليه حواسه أوضح له طرق الخير من الشر وأبان كل ذلك له ، وخيره بما أودع فيه من طاقة عقلية ، وفكرية أن يختار أحد الطريقين الخير ، والشر.
فلماذا يقف إذاً مكتوف اليد بين هذين النجدين لا يبصر طريق الخير ، فيسلكه ، أو لماذا يقدم طريق الشر ، فيسلكه فتستحق عليه الكفارات المرتبة على الذنوب ، وله العذر في اختيار هذا الطريق الوعر والذي جعلت الكفارة حاجزاً من سلوكه مرة أخرى ـ وحينئذ ـ :
( إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ).
وهذه نتيجة حتمية تتعقب سلوكه ، واختياره لاحد النجدين : نجد الخير ، ونجد الشر.
فان اختار الاول فهو شاكر على نعمه تعالى ، وان سلك الطريق الثاني فهو كافر بنعم الله تعالى بعد أن منحه كل وسائل الادراك ، والتمييز من عين ، ولسان ، وعقل ، وتفكير فلماذا بعد كل ذلك يختار نجد الشر ليسلكه ، فيقف جزعاً من الجزاء الذي يرتبه الله على ذنبه الذي اقترفه ؟
( فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ).