لماذا بعد كل هذه النعم لم يقتحم العقبة التي لا بد لمن يريد الخلود في الآخرة من اجتيازها ليصل منها إلى حيث الراحة والسعادة بدلاً من الجحيم الدائم ، وانها العقبة في طريق الانسان يقتحمها ليخلص من جهنم بتعبيد طريقه بسلوك هذه المراحل التي رتبها القرآن على النحو التالي :
( فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ ) (١).
هذه الفقرات الثلاث والتي يرتكز عليها حقيقة الاحسان والتحسس بشعور الآخرين والعطف نحو الطبقات الضعيفة.
( فَكُّ رَقَبَةٍ ).
أولى مراحل اقتحام العقبة ، وأول خطوة يرفعها الانسان نحو آخرة سعيدة يكون جزاؤه فيها لنعيم الدائم هي : عتق العبيد في سبيل الله.
إنها نسائم الحرية يشمها هذا العبد الضعيف ليكون حراً طليقاً ، فيذوق طعم الانطلاق ، والتحرر ، والخلاص من كابوس الملكية. فعن الامام الصادق ( عليه السلام ) « قال : قال رسول الله (ص) من أعتق مسلماً أعتق الله العزيز الجبار بكل عضواً منه عضواً من النار» (٢).
وإذا ما أكمل الانسان هذه الخطوة الخيرة كان القرآن الكريم يقرر الخطوة الثانية في سبيل تذليل المصاعب لاقتحام العقبة ليصل العبد بذلك إلى مرضاة الله ، ورضوانه.
( أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ ).
__________________
(١) سورة البلد : آية ( ١٣ ـ ١٦ ).
(٢) الوسائل : باب (١) من كتاب العتق ، حديث ٢.