الحياة الإنسانية الاجتماعية من الأخلاق والشرائع والحقوق وأحكام الاجتماع.
وقد عرفت أنه يؤيد الطريق الفطري من التفكر الذي تدعو إليه الفطرة دعوة اضطرارية لا معدل عنها على حق ما تدعو إليه الفطرة من السير المنطقي.
والقرآن نفسه يستعمل هذه الصناعات المنطقية من برهان وجدل وموعظة ، ويدعو الأمة التي يهديها إلى أن يتبعوه في ذلك فيتعاطوا البرهان فيما كان من الواقعيات الخارجة من باب العمل ويستدلوا بالمسلمات في غير ذلك أو بما يعتبر به.
وقد اعتبر القرآن في بيان مقاصده السنة النبوية ، وعين لهم الأسوة في رسول الله صلىاللهعليهوآله فكانوا يحفظون عنه ، ويقلدون مشيته العلمية تقليد المتعلم معلمه في السلوك العلمي.
كان القوم في عهد النبي صلىاللهعليهوآله ( ونعني به أيام إقامته بالمدينة ) حديثي عهد بالتعليم الإسلامي ، حالهم أشبه بحال الإنسان القديم في تدوين العلوم والصناعات ، يشتغلون بالأبحاث العلمية اشتغالا ساذجا غير فني على عناية منهم بالتحصيل والتحرير ، وقد اهتموا أولا بحفظ القرآن وقراءته ، وحفظ الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآله من غير كتابة ، ونقله ، وكان لهم بعض المطارحات الكلامية فيما بينهم أنفسهم ، واحتجاجات مع بعض أرباب الملل الأجنبية ولا سيما اليهود والنصارى لوجود أجيال منهم في الجزيرة والحبشة والشام ، ومن هنا يبتدئ ظهور علم الكلام وكانوا ، يشتغلون برواية الشعر وقد كانت سنة عربية لم يهتم بأمرها الإسلام ولم يمدح الكتاب الشعر والشعراء بكلمة ، ولا السنة بالغت في أمره.
ثم لما ارتحل النبي صلىاللهعليهوآله كان من أمر الخلافة ما هو معروف وزاد الاختلاف الحادث عند ذلك بابا على الأبواب الموجودة.
وجمع القرآن في زمن الخليفة الأول بعد غزوة يمامة وشهادة جماعة من القراء فيها.
وكان الأمر على هذا في عهد خلافته ـ وهي سنتان تقريبا ـ ثم في عهد الخليفة الثاني.
والإسلام وإن انتشر صيته واتسع نطاقه بما رزق المسلمون من الفتوحات العظيمة في عهده لكن الاشتغال بها كان يعوقهم عن التعمق في إجالة النظر في روابط العلوم والتماس الارتقاء في مدارجها ، أو إنهم ما كانوا يرون لما عندهم من المستوى العلمي حاجة إلى التوسع والتبسط.