وأما الحسن عليهالسلام فلعل المنقول عنه لا يبلغ عشرا ، وأما الحسين فلم ينقل عنه شيء يذكر ، وقد أنهى بعضهم الروايات الواردة في التفسير إلى سبعة عشر ألف (١) حديث من طريق الجمهور وحده ، وهذه النسبة موجودة في روايات الفقه أيضا (٢).
فهل هذا لأنهم هجروا أهل البيت وأعرضوا عن حديثهم؟ أو لأنهم أخذوا عنهم وأكثروا ثم أخفيت ونسيت في الدولة الأموية لانحراف الأمويين عنهم؟ ما أدري.
غير أن عزلة علي وعدم اشتراكه في جمع القرآن أولا وأخيرا وتاريخ حياة الحسن والحسين عليهالسلام يؤيد أول الاحتمالين.
وقد آل أمر حديثه إلى أن أنكر بعض كون ما اشتمل عليه كتاب نهج البلاغة من غرر خطبه من كلامه ، وأما أمثال الخطبة البتراء لزياد بن أبيه وخمريات يزيد فلا يكاد يختلف فيها اثنان!.
ولم يزل أهل البيت مضطهدين ، مهجورا حديثهم إلى أن انتهض الإمامان : محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق عليهالسلام في برهة كالهدنة بين الدولة الأموية والدولة العباسية فبينا ما ضاعت من أحاديث آبائهم ، وجددا ما اندرست وعفيت من آثارهم.
غير أن حديثهما وغيرهما من آبائهما وأبنائهما من أئمة أهل البيت أيضا لم يسلم من الدخيل ولم يخلص من الدس والوضع كحديث رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقد ذكرا ذلك في الصريح من كلامهما ، وعدا رجالا من الوضاعين كمغيرة بن سعيد وابن أبي الخطاب وغيرهما ، وأنكر بعض الأئمة روايات كثيرة مروية عنهم وعن النبي صلىاللهعليهوآله ، وأمروا أصحابهم وشيعتهم بعرض الأحاديث المنقولة عنهم على القرآن وأخذ ما وافقه وترك ما خالفه.
ولكن القوم ( إلا آحاد منهم ) لم يجروا عليها عملا في أحاديث أهل البيت عليهالسلام وخاصة في غير الفقه ، وكان السبيل الذي سلكوه في ذلك هو السبيل الذي سلكه الجمهور في أحاديث النبي صلىاللهعليهوآله.
__________________
(١) ذكر ذلك السيوطي في الإتقان ، وذكر أنه عدد الروايات في تفسيره المسمى بترجمان القرآن وتلخيصه المسمى بالدر المنثور.
(٢) ذكر بعض المتتبعين أنه عثر على حديثين مرويين عن الحسين عليهالسلام في الروايات الفقهية.