حتى يموتا : الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة ، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه فتنزع الشر من وسطك.
وهذا كما ترى يخص الرجم ببعض الصور.
وأما ما وقع في الرواية من سؤالهم رسول الله صلىاللهعليهوآله عن حكم الدية مضافا إلى سؤالهم عن حكم زنا المحصن فقد تقدم أن الآيات لا تخلو عن تأييد لذلك ، والذي ذكرته الآية في حكم القصاص في القتل والجرح أنه مكتوب في التوراة فهو موجود في التوراة الدائرة اليوم : في الإصحاح (١) الحادي والعشرين من سفر الخروج من التوراة ما نصه: [ (١٢) من ضرب إنسانا فمات يقتل قتلا (١٣) ولكن الذي لم يتعمد بل أوقع الله في يد ـ فأنا أجعل لك مكانا يهرب إليه ... (٢٣) وإن حصلت أذية تعطي نفسا بنفس (٢٤) وعينا بعين وسنا بسن ويدا بيد ورجلا برجل (٢٥) وكيا بكي وجرحا بجرح ورضا برض ].
وفي الإصحاح الرابع والعشرين من سفر اللاويين ما نصه: [ (١٧) وإذا أمات أحد إنسانا فإنه يقتل (١٨) ومن أمات بهيمة فإنه يعوض عنها نفسا بنفس (١٩) وإذا أحدث إنسان في قرينه عيبا ـ فكما فعل كذلك يفعل به (٢٠) كسر بكسر وعين بعين وسن بسن كما أحدث عيبا في الإنسان كذلك يحدث فيه ].
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد وأبو داود بن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال: إن الله أنزل : « وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ ـ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ ، الظَّالِمُونَ ، الْفاسِقُونَ » ، أنزلها الله في طائفتين من اليهود ـ قهرت إحداهما الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا ـ واصطلحوا على أن كل قتل ـ قتلته العزيزة من الذليلة فديته خمسون وسقا ، وكل قتيل قتلته الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق ـ فكانوا على ذلك حتى قدم رسول الله صلىاللهعليهوآله المدينة ـ فنزلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ يومئذ لم يظهر عليهم فقامت الذليلة فقالت : وهل كان هذا في حيين قط : دينهما واحد ، ونسبهما واحد ، وبلدهما واحد ، ودية بعضهم نصف دية بعض؟ إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا وفرقا منكم فأما ، إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك فكادت الحرب تهيج بينهم ـ ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلىاللهعليهوآله بينهم ـ ففكرت العزيزة فقالت : والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم ، ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ضيما وقهرا لهم ، فدسوا إلى رسول الله
__________________
(١) في المصدر السابق الذكر.