التالية « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ».
والمراد بالنفي في قوله « وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً » ، نفي الاقتضاء أي ليس ولا يوجد في المؤمن بعد دخوله في حريم الإيمان وحماه اقتضاء لقتل مؤمن هو مثله في ذلك أي قتل كان إلا قتل الخطإ ، والاستثناء متصل فيعود معنى الكلام إلى أن المؤمن لا يريد قتل المؤمن بما هو مؤمن بأن يقصد قتله مع العلم بأنه مؤمن ، ونظير هذه الجملة في سوقها لنفي الاقتضاء قوله تعالى « وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ » : ( الشورى : ٥١ ) وقوله « ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها » : ( النمل : ٦٠ ) وقوله « فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ » : ( يونس : ٧٤ ) إلى غير ذلك.
والآية مع ذلك مسوقة كناية عن التكليف بالنهي التشريعي بمعنى أن الله تعالى لم يبح قط ، ولا يبيح أبدا أن يقتل مؤمن مؤمنا وحرم ذلك إلا في قتل الخطإ فإنه لما لم يقصد هناك قتل المؤمن إما لكون القتل غير مقصود أصلا أو قصد ولكن بزعم أن المقتول كافر جائز القتل مثلا فلا حرمة مجعولة هناك.
وقد ذكر جمع من المفسرين : أن الاستثناء في قوله « إِلَّا خَطَأً » منقطع ، قالوا : وإنما لم يحمل قوله « إِلَّا خَطَأً » على حقيقة الاستثناء لأن ذلك يؤدي إلى الأمر بقتل الخطإ أو إباحته. ( انتهى ) وقد عرفت أن ذلك لا يؤدي إلا إلى رفع الحرمة عن قتل الخطإ ، أو عدم وضع الحرمة فيه ، ولا محذور فيه قطعا. فالحق أن الاستثناء متصل.
قوله تعالى : « وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً ـ إلى قوله ـ يَصَّدَّقُوا » التحرير جعل المملوك حرا! والرقبة هي العنق شاع استعمالها في النفس المملوكة مجازا! والدية ما يعطى من المال عوضا عن النفس أو العضو أو غيرهما ، والمعنى : ومن قتل مؤمنا بقتل الخطإ وجب عليه تحرير نفس مملوكة مؤمنة ، وإعطاء دية يسلمها إلى أهل المقتول إلا أن يتصدق أولياء القتيل الدية على معطيها ويعفوا عنها فلا تجب الدية.
قوله تعالى : « فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ » ، الضمير يرجع إلى المؤمن المقتول ، والقوم العدو هم الكفار المحاربون ، والمعنى : إن كان المقتول خطأ مؤمنا وأهله كفار محاربون لا يرثون وجب التحرير ولا دية إذ لا يرث الكافر المحارب من المؤمن شيئا.
قوله تعالى : « وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ » ، الضمير في « كانَ » يعود إلى