قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله : « إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ » ، (الآية) كلها « أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها ـ وتتركوا ، هؤلاء الذين يستضعفونكم ـ فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً ».
ثم عذر الله أهل الصدق فقال : « إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ ، لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً ـ يتوجهون له ، لو خرجوا لهلكوا ، فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ » إقامتهم بين ظهري المشركين.
وقال الذين أسروا : يا رسول الله ، إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا ، فقال الله : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى ، إِنْ يَعْلَمِ اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً ، مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ـ صنيعكم الذي صنعتم ، خروجكم مع المشركين على النبي صلىاللهعليهوآله ـ وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ ـ خرجوا مع المشركين ـ فأمكن منهم ».
وفيه ، أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن عكرمة : في قوله « إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ، قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ـ إلى قوله ـ وَساءَتْ مَصِيراً » ، قال : نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الأسود ، وقيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبي العاص بن منبه بن الحجاج ، وعلي بن أمية بن خلف.
قال : لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم ، لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش ، من رسول الله صلىاللهعليهوآله وأصحابه ، وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة ، خرجوا معهم بشبان كارهين كانوا قد أسلموا ، واجتمعوا ببدر على غير موعد فقتلوا ببدر كفارا ، ورجعوا عن الإسلام وهم هؤلاء الذين سميناهم.
أقول : والروايات في ما يقرب من هذه المعاني من طرق القوم كثيرة ، وهي وإن كان ظاهرها أشبه بالتطبيق لكنه تطبيق حسن.
ومن أهم ما يستفاد منها ، وكذا من الآيات بعد التدبر وجود منافقين بمكة قبل الهجرة وبعدها. فإن لذلك تأثيرا في البحث عن حال المنافقين على ما سيأتي في سورة البراءة إن شاء الله العزيز.
وفيه ، أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كان بمكة