درجة واحدة ، ومنهم ذو الدرجتين ، ومنهم ذو الدرجات على اختلاف مراتبهم في الإيمان.
ويؤيده قوله تعالى : « يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ » المجادلة : ـ ١١ ، وقوله تعالى : « أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ، هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ » آل عمران : ١٦٣.
وبما تقدم يظهر أن تفسير بعضهم ما في الآية من الدرجات بدرجات الجنة ، ليس على ما ينبغي ، وإن المتعين كون المراد بها درجات القرب ؛ كما تقدم وإن كان كل منهما يلازم الآخر.
قوله تعالى : « كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ » إلى آخر الآيتين. ظاهر السياق أن قوله : « كَما أَخْرَجَكَ » متعلق بما يدل عليه قوله تعالى : « قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ » والتقدير : إن الله حكم بكون الأنفال له ولرسوله بالحق مع كراهتهم له ، كما أخرجك من بيتك بالحق مع كراهة فريق منهم له ، فللجميع حق يترتب عليه من مصلحة دينهم ودنياهم ما هم غافلون عنه.
وقيل : إنه متعلق بقوله : « يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِ » وقيل : إن العامل فيه معنى الحق والتقدير : هذا الذكر من الحق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق. والمعنيان ـ كما ترى ـ بعيدان عن سياق الآية.
والمراد بالحق ما يقابل الباطل ، وهو الأمر الثابت الذي يترتب عليه آثاره الواقعية المطلوبة ، وكون الفعل ـ وهو الإخراج ـ بالحق هو أن يكون هو المتعين الواجب بحسب الواقع ، وقيل : المراد به الوحي ، وقيل : المراد به الجهاد ، وقيل غير ذلك ، وهي معان بعيدة.
والأصل في معنى الجدل شدة الفتل : يقال : زمان جديل أي شديد الفتل ، وسمي الجدال جدالا لأنه فيه نزاعا بالفتل عن مذهب إلى مذهب كما ذكره في المجمع.
ومعنى الآيتين : أن الله تعالى حكم في أمر الأنفال بالحق مع كراهتهم لحكمه كما أخرجك من بيتك بالمدينة إخراجا يصاحب الحق ، والحال أن فريقا من المؤمنين