وهي أربعون أو ثلاث وثلاثون آية ، وما ذكر في بعض الروايات من التردد بين ثلاثين وأربعين فتعبير بالأعشار مع إلغاء كسرها من زيادة ونقصان.
وذلك لأن من عادة العرب أن العهود ونبذها إنما تكون من عاقدها أو أحد عصبته القريبة ، وأن عليا كان مختصا بذلك مع بقاء إمارة الحج لأبي بكر الذي كان يساعده على ذلك ويأمر بعض الصحابة كأبي هريرة بمساعدته. انتهى.
وقال أيضا : إن بعض الشيعة يكبرون هذه المزية لعلي عليهالسلام كعادتهم ويضيفون إليها ما لا تصح به رواية ، ولا تؤيده دراية فيستدلون بها على تفضيله على أبي بكر رضي الله عنهما وكونه أحق بالخلافة منه ، ويزعمون أن النبي صلىاللهعليهوآله عزل أبا بكر من تبليغ سورة براءة لأن جبرئيل أمره بذلك ، وأنه لا يبلغ عنه إلا هو أو رجل منه ولا يخصون هذا النفي بتبليغ نبذ العهود وما يتعلق به بل يجعلونه عاما لأمر الدين كله.
مع استفاضة الأخبار الصحيحة بوجوب تبليغ الدين على المسلمين كافة كالجهاد في حمايته والدفاع عنه ، وكونه فريضة لا فضيلة فقط ومنها قوله صلىاللهعليهوآله في حجة الوداع على مسمع الألوف من الناس : « ألا فليبلغ الشاهد الغائب » وهو مكرر في الصحيحين وغيرهما ، وفي بعض الروايات عن ابن عباس : فوالذي نفسي بيده أنها لوصيته إلى أمته « فليبلغ الشاهد الغائب » إلخ وحديث : « بلغوا عني ولو آية » رواه البخاري في صحيحة والترمذي ، ولو لا ذلك لما انتشر الإسلام ذلك الانتشار السريع في العالم.
بل زعم بعضهم ـ كما قيل ـ إنه صلىاللهعليهوآله عزل أبا بكر من إمارة الحج وولاها عليا ، وهذا بهتان صريح مخالف لجميع الروايات في مسألة عملية عرفها الخاص والعام.
والحق أن عليا كرم الله وجهه كان مكلفا بتبليغ أمر خاص ، وكان في تلك الحجة تابعا لأبي بكر في إمارته العامة في إقامة ركن الإسلام الاجتماعي العام حتى كان أبو بكر يعين له الوقت الذي يبلغ ذلك فيه فيقول : يا علي قم فبلغ رسالة رسول الله صلىاللهعليهوآله كما تقدم التصريح به في الروايات الصحيحة كما أمر بعض الصحابة بمساعدته على هذا التبليغ كما تقدم في حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما.
ثم ساق الكلام واستدل بإمارة أبي بكر في تلك الحجة وضم إليها صلاته موضع النبي صلىاللهعليهوآله قبيل وفاته ـ على تقدمه وأفضليته من جميع الصحابة على من سواه انتهى.