إنهم المنافقون ، وهو تقييد لإطلاق الآية من غير مقيد.
قوله تعالى : « أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » الغاشية صفة سادة مسد الموصوف المحذوف لدلالة كلمة العذاب عليه ، والتقدير عقوبة غاشية تغشاهم وتحيط بهم.
والبغتة الفجأة. وقوله : « وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ » حال من ضمير الجمع أي تفاجئهم الساعة في إتيانها والحال أنهم لا يشعرون بإتيانها لعدم مسبوقيتها بعلامات تعين وقتها وتشخص قيامها والاستفهام للتعجيب ، والمعنى أن أمرهم في إعراضهم عن آيات السماء والأرض وعدم إخلاصهم الإيمان لله وتماديهم في الغفلة عجيب أفأمنوا عذابا من الله يغشاهم أو ساعة تفاجئهم وتبهتهم؟.
قوله تعالى : « قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » لما ذكر سبحانه أن محض الإيمان به والإخلاص التوحيد له عزيز المنال وهو الحق الصريح الذي تدل عليه آيات السماوات والأرض أمر نبيه صلىاللهعليهوآله أن يبين لهم أن سبيله هو الدعاء إلى هذا التوحيد على بصيرة.
فقوله : « هذِهِ سَبِيلِي » إعلان لسبيله ، وقوله : « أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ » بيان للسبيل ، وقوله : « وَسُبْحانَ اللهِ » اعتراض للتنزيه ، وقوله : « وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ » تأكيد لمعنى الدعوة إلى الله وبيان أن هذه الدعوة ليست دعوة إليه تعالى كيف كان بل دعوة على أساس التوحيد الخالص لا معدل عنه إلى شرك أصلا.
وأما قوله : « أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي » فتوسعة وتعميم لحمل الدعوة وأن السبيل وإن كانت سبيل النبي صلىاللهعليهوآله مختصة به لكن حمل الدعوة والقيام به لا يختص به بل من اتبعه صلىاللهعليهوآله يقوم بها لنفسه.
لكن السياق يدل على أن الإشراك ليس بذاك العموم الذي يتراءى من لفظ « مَنِ اتَّبَعَنِي » فإن السبيل التي تعرفها الآية هي الدعوة عن بصيرة ويقين إلى إيمان محض وتوحيد خالص وإنما يشاركه صلىاللهعليهوآله فيها من كان مخلصا لله في دينه عالما بمقام ربه ذا بصيرة ويقين وليس كل من صدق عليه أنه اتبعه على هذا النعت ، ولا أن الاستواء على هذا المستوي