( بيان )
غرض السورة بيان حقية ما نزل على النبي صلىاللهعليهوآله من الكتاب وأنه آية الرسالة وأن قولهم : « لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ » وهم يعرضون به للقرآن ولا يعدونه آية كلام مردود إليهم ولا ينبغي للنبي صلىاللهعليهوآله أن يصغي إليه ولا لهم أن يتفوهوا به.
ويدل على ذلك ابتداء السورة بمثل قوله : « وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ » واختتامها بقوله : « وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ » الآية ، وتكرار حكاية قولهم : ( لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ).
ومحصل البيان على خطاب النبي صلىاللهعليهوآله أن هذا القرآن النازل عليك حق لا يخالطه باطل فإن الذي يشتمل عليه من كلمة الدعوة هو التوحيد الذي تدل عليه آيات الكون من رفع السماوات ومد الأرض وتسخير الشمس والقمر وسائر ما يجري عليه عجائب تدبيره وغرائب تقديره تعالى.
وتدل على حقية دعوته أيضا أخبار الماضين وآثارهم جاءتهم الرسل بالبينات فكفروا وكذبوا فأخذهم الله بذنوبهم. فهذا ما يتضمنه هذا الكتاب وهو آية دالة على رسالتك.
وقولهم : « لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ » تعريضا منهم للقرآن مردود إليهم أولا بأنك لست إلا منذرا وليس لك من الأمر شيء حتى يقترح عليك بمثل هذه الكلمة وثانيا أن الهداية والإضلال ليسا كما يزعمون في وسع الآيات حتى يرجوا الهداية من آية يقترحونها وإنما ذلك إلى الله سبحانه يضل من يشاء ويهدي من يشاء على نظام حكيم وأما قولهم : لست مرسلا فيكفيك من الحجة شهادة الله في كلامه على رسالتك ودلالة ما فيه من المعارف الحقة على ذلك.
ومن الحقائق الباهرة المذكورة في هذه السورة ما يتضمنه قوله : « أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً » الآية ، وقوله : « أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » ، وقوله : « يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ » ، وقوله : « فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً ».