مضمن معنى الوحي ولذا عدي بإلى ـ كما قيل ـ والمراد بالأمر أمر العذاب كما يفسره قوله : ( أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) والإشارة إليه بلفظة ( ذلِكَ ) للدلالة على عظم خطره وهول أمره.
والمعنى : وقضينا أمرنا العظيم في عذابهم موحيا ذلك إلى لوط وهو أن دابر هؤلاء وأثرهم الذي من شأنه أن يبقى بعدهم من نسل وبناء وعمل مقطوع حال كونهم مصبحين أو التقدير أوحينا إليه قاضيا ، إلخ.
قوله تعالى : ( وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ ـ إلى قوله ـ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) يدل نسبة المجيء إلى أهل المدينة على كونهم جماعة عظيمة يصح عدهم أهل المدينة لكثرتهم.
فالمعنى ( وَجاءَ ) إلى لوط ( أَهْلُ الْمَدِينَةِ ) جمع كثير منهم يريدون أضيافه وهم ( يَسْتَبْشِرُونَ ) لولعهم بالفحشاء وخاصة بالداخلين في بلادهم من خارج فاستقبلهم لوط مدافعا عن أضيافه ( قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ ) بالعمل الشنيع بهم ( وَاتَّقُوا اللهَ وَلا تُخْزُونِ قالُوا ) المهاجمون من أهل المدينة : ألم نقطع عذرك في إيوائهم ( أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ ) أن تؤويهم وتشفع فيهم وتدافع عنهم فلما يئس لوط عليهالسلام منهم عرض عليهم بناته أن ينصرفوا عن أضيافه بنكاحهن ـ كما تقدم بيانه في سورة هود ـ ( قالَ هؤُلاءِ بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ).
قوله تعالى : ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ـ إلى قوله ـ مِنْ سِجِّيلٍ ) قال في المفردات : العمارة ضد الخراب. قال : والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة فهو دون البقاء فإذا قيل : طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه ، وإذا قيل : بقاؤه فليس يقتضي ذلك فإن البقاء ضد الفناء ، ولفضل البقاء على العمر وصف الله به وقلما وصف بالعمر قال : والعمر ـ بالضم ـ والعمر ـ بالفتح ـ واحد لكن خص القسم بالعمر ـ بالفتح ـ دون العمر ـ بالضم ـ نحو ( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ ) ، انتهى.
والخطاب في ( لَعَمْرُكَ ) للنبي صلىاللهعليهوآله فهو قسم ببقائه وقول بعضهم : إنه خطاب من الملائكة للوط عليهالسلام وقسم بعمره لا دليل عليه من سياق الآيات.
والعمه هو التردد على حيرة والسجيل حجارة العذاب وقد تقدم تفصيل القول في معناه في تفسير سورة هود.