والمعنى أقسم بحياتك وبقائك يا محمد إنهم لفي سكرتهم وهي غفلتهم بانغمارهم في الفحشاء والمنكر يترددون متحيرين ( فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ ) وهي الصوت الهائل ( مُشْرِقِينَ ) أي حال كونهم داخلين في إشراق الصبح فجعلنا عالي بلادهم سافلها وفوقها تحتها وأمطرنا وأنزلنا من السماء عليهم حجارة من سجيل.
قوله تعالى : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ـ إلى قوله ـ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الآية العلامة والمراد بالآيات أولا العلامات الدالة على وقوع الحادثة من بقايا الآثار وبالآية ثانيا العلامة الدالة للمؤمنين على حقية الإنذار والدعوة الإلهية والتوسم التفرس والانتقال من سيماء الأشياء على حقيقة حالها.
والمعنى : أن في ذلك أي فيما جرى من الأمر على قوم لوط وفي بلادهم لعلامات من بقايا الآثار للمتفرسين وإن تلك العلامات لبسبيل للعابرين مقيم لم تعف ولم تنمح بالكلية بعد ، إن في ذلك لآية للمؤمنين تدل على حقية الإنذار والدعوة وقد تبين بذلك وجه إيراد الآيات جمعا ومفردا في الموضعين.
قوله تعالى : ( وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ ـ إلى ـ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ) الأيكة واحدة الأيك وهو الشجر الملتف بعضه ببعض فقد كانوا ـ كما قيل ـ في غيضة أي بقعة كثيفة الأشجار.
وهؤلاء ـ كما ذكروا ـ هم قوم شعيب عليهالسلام أو طائفة من قومه كانوا يسكنون الغيضة ، ويؤيده قوله تعالى ذيلا : ( وَإِنَّهُما لَبِإِمامٍ مُبِينٍ ) أي مكانا قوم لوط وأصحاب الأيكة لفي طريق واضح فإن الذي على طريق المدينة إلى الشام هي بلاد قوم لوط وقوم شعيب الخربة أهلكهم الله بكفرهم وتكذيبهم لدعوة شعيب عليهالسلام وقد تقدمت قصتهم في سورة هود وقوله : ( فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ ) الضمير لأصحاب الأيكة وقيل : لهم ولقوم لوط. ومعنى الآيتين ظاهر.
قوله تعالى : ( وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ ـ إلى قوله ـ ما كانُوا يَكْسِبُونَ ) أصحاب الحجر هم ثمود قوم صالح والحجر اسم بلدة كانوا يسكنونها وعدهم مكذبين لجميع المرسلين وهم إنما كذبوا صالحا المرسل إليهم إنما هو لكون دعوة الرسل دعوة واحدة والمكذب لواحد منهم مكذب للجميع.