وعلى هذا فالمراد بإتيان اليقين حلول الأجل ونزول الموت الذي يتبدل به الغيب من الشهادة ويعود به الخبر عيانا ، ويؤيد ذلك تفريع ما تقدم من قوله : ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) على قوله : ( وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ ) فإنه بالحقيقة أمر بالعفو والصبر على ما يقولون لأن لهم يوما ينتقم الله منهم ويجازيهم بأعمالهم فيكون معنى الآية دم على العبودية واصبر على الطاعة وعن المعصية وعلى مر ما يقولون حتى يدركك الموت وينزل عليك عالم اليقين فتشاهد ما يفعل الله بهم ربك.
وفي التعبير بمثل قوله : ( حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) إشعار أيضا بذلك فإن العناية فيه بأن اليقين طالب له وسيدركه فليعبد ربه حتى يدركه ويصل إليه وهذا هو عالم الآخرة الذي هو عالم اليقين العام بما وراء الحجاب دون الاعتقاد اليقيني الذي ربما يحصل بالنظر أو بالعبادة.
وبذلك يظهر فساد ما ربما قيل : إن الآية تدل على ارتفاع التكليف بحصول اليقين ، وذلك لأن المخاطب به النبي صلىاللهعليهوآله وقد دلت آيات كثيرة من كتاب الله أنه من الموقنين وأنه على بصيرة وأنه على بينة من ربه وأنه معصوم وأنه مهدي بهداية الله سبحانه إلى غير ذلك. مضافا إلى ما قدمناه من دلالة الآية على كون المراد باليقين هو الموت.
وسنفرد لدوام التكليف بحثا عقليا بعد الفراغ عن البحث الروائي إن شاء الله تعالى.
( بحث روائي )
في الدر المنثور ، أخرج ابن مردويه وابن النجار عن علي بن أبي طالب : في قوله.
( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال : الرضا بغير عتاب.
وفي المجمع ، حكي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام : أن الصفح الجميل هو العفو من غير عتاب.
وفي العيون ، بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا عليهالسلام : في