إبراهيم عليهالسلام ابن آزر لصلبه وقد تقدم في قصته عليهالسلام من سورة الأنعام فساد القول به وأن الآيات ناصة على خلافه.
وأما إذا أخذ الاستثناء منقطعا فقوله : « إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » بضميمة قوله تعالى : « وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى » الأنبياء : ٢٨. دليل على كون الاستغفار قبل موته كما لا يخفى.
قوله تعالى : « وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ » الإزلاف التقريب والتبريز الإظهار ، وفي المقابلة بين المتقين والغاوين واختيار هذين الوصفين لهاتين الطائفتين إشارة إلى ما قضى به الله سبحانه يوم رجم إبليس عند إبائه أن يسجد لآدم كما ذكر في سورة الحجر « إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ » إلى أن قال « إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ » الحجر : ٤٥.
قوله تعالى : « وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ » أي هل يدفعون الشقاء والعذاب عنكم أو عن أنفسهم ، والمحصل أنه يتبين لهم أنهم ضلوا في عبادتهم غير الله.
قوله تعالى : « فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ » يقال : كبه فانكب أي ألقاه على وجهه وكبكبه أي ألقاه على وجهه مرة بعد أخرى فهو يفيد تكرار الكب كدب ودبدب وذب وذبذب وزل وزلزل ودك ودكدك.
وضمير الجمع في قوله : « فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ » للأصنام كما يدل عليه قوله : « إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ » الأنبياء : ٩٨ ، وهؤلاء إحدى الطوائف الثلاث التي تذكر الآية أنها تكبكب في جهنم يوم القيامة ، والطائفة الثانية الغاوون المقضي عليهم ذلك كما في آية الحجر المنقولة آنفا ، والطائفة الثالثة جنود إبليس وهم قرناء الشياطين الذين يذكر القرآن أنهم لا يفارقون أهل الغواية حتى يدخلوا النار ، قال تعالى : « وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ » إلى أن قال « وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ » الزخرف : ٣٩.
قوله تعالى : « قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ ـ إلى قوله ـ إِلَّا الْمُجْرِمُونَ » الظاهر أن القائلين هم الغاوون ، والاختصام واقع بينهم يخاصمون أنفسهم والشياطين على ما