ذكره الله سبحانه في مواضع من كلامه.
وقوله : « تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ » اعتراف منهم بالضلال ، والخطاب في قوله : « إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ » للآلهة من الأصنام وهم معهم في النار ، أو لهم وللشياطين أو لهما وللمتبوعين والرؤساء من الغاوين وخير الوجوه أولها.
وقوله : « وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ » الظاهر أن كلا من القائلين يريد بالمجرمين غيره من إمام ضلال اقتدى به في الدنيا وداع دعاه إلى الشرك فاتبعه وآباء مشركين قلدهم فيه وخليل تشبه به ، والمجرمون على ما يستفاد من آيات القيامة هم الذين ثبت فيهم الاجرام وقضي عليهم بدخول النار قال تعالى : « وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ » يس : ٥٦.
قوله تعالى : « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ » الحميم على ما ذكره الراغب القريب المشفق.
وهذا الكلام تحسر منهم على حرمانهم من شفاعة الشافعين وإغاثة الأصدقاء وفي التعبير بقوله : « فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ » إشارة إلى وجود شافعين هناك يشفعون بعض المذنبين ، ولو لا ذلك لكان من حق الكلام أن يقال : فما لنا من شافع إذ لا نكتة تقتضي الجمع ، وقد روي أنهم يقولون ذلك لما يرون الملائكة والأنبياء والمؤمنين يشفعون.
قوله تعالى : « فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ » تمن منهم أن يرجعوا إلى الدنيا فيكونوا من المؤمنين حتى ينالوا ما ناله المؤمنون من السعادة.
قوله تعالى : « إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً » إلى آخر الآيتين أي في قصة إبراهيم عليهالسلام ولزومه عن فطرته الساذجة دين التوحيد وتوجيه وجهه نحو رب العالمين وتبريه من الأصنام واحتجاجه على الوثنيين وعبدة الأصنام آية لمن تدبر فيها على أن في سائر قصصه من محنه وابتلاءاته التي لم تذكر هاهنا كإلقائه في النار ونزول الضيف من الملائكة عليه وقصة إسكانه إسماعيل وأمه بوادي مكة وبناء الكعبة وذبح إسماعيل آيات لأولي الألباب.
وقوله : « وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ » أي وما كان أكثر قوم إبراهيم مؤمنين والباقي ظاهر مما تقدم.