قوله تعالى : « إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ » أي رسول من الله سبحانه أمين على ما حملته من الرسالة لا أبلغكم إلا ما أمرني ربي وأراده منكم ، ولذا فرع عليه قوله : « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ » فأمرهم بطاعته لأن طاعته طاعة الله.
قوله تعالى : « وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ » مسوق لنفي الطمع الدنيوي بنفي سؤال الأجر فيثبت بذلك أنه ناصح لهم فيما يدعوهم إليه لا يخونهم ولا يغشهم فعليهم أن يطيعوه فيما يأمرهم ، ولذا فرع عليه ثانيا قوله : « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ».
والعدول في قوله : « إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ » عن اسم الجلالة إلى « رَبِّ الْعالَمِينَ » للدلالة على صريح التوحيد فإنهم كانوا يرون أنه تعالى إله عالم الآلهة وكانوا يرون لكل عالم إلها آخر يعبدونه من دون الله فإثباته تعالى ربا للعالمين جميعا تصريح بتوحيد العبادة ونفي الآلهة من دون الله مطلقا.
قوله تعالى : « فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ » قد تقدم وجه تكرار الآية فهو يفيد أن كلا من الأمانة وعدم سؤال الأجر سبب مستقل في إيجاب طاعته عليهم.
قوله تعالى : « قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ » الأرذلون جمع أرذل على الصحة وهو اسم تفضيل من الرذالة والرذالة الخسة والدناءة ، ومرادهم بكون متبعيه أراذل أنهم ذوو أعمال رذيلة ومشاغل خسيسة ولذا أجاب ع عنه بمثل قوله : « وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ».
والظاهر أنهم كانوا يرون الشرف والكرامة في الأموال والجموع من البنين والأتباع كما يستفاد من دعاء نوح عليهالسلام إذ يقول : « رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً » نوح : ٢١. فمرادهم بالأرذلين من يعدهم الأشراف والمترفون سفلة يتجنبون معاشرتهم من العبيد والفقراء وأرباب الحرف الدنية.
قوله تعالى : « قالَ وَما عِلْمِي بِما كانُوا يَعْمَلُونَ » الضمير لنوح عليهالسلام ، و « ما » استفهامية وقيل : نافية وعليه فالخبر محذوف لدلالة السياق عليه ، والمراد على أي حال نفي علمه بأعمالهم قبل إيمانهم به لمكان قوله : « كانُوا يَعْمَلُونَ ».
قوله تعالى : « إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ » المراد بقوله : « رَبِّي » رب