كتبهم» والسورة من أوائل السور المكية النازلة قبل الهجرة ولم تبلغ عداوة اليهود للنبي صلىاللهعليهوآله مبلغها بعد الهجرة وكان من المرجو أن ينطقوا ببعض ما عندهم من الحق ولو بوجه كلي.
قوله تعالى : « وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ » قال في المفردات : ، العجمة خلاف الإبانة والإعجام الإبهام ـ إلى أن قال ـ والعجم خلاف العرب والعجمي منسوب إليهم ، والأعجم من في لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربي اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم ، ومنه قيل للبهيمة عجماء والأعجمي منسوب إليه قوله تعالى : « وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ » على حذف الياءات انتهى.
ومقتضى ما ذكره ـ كما ترى ـ أن أصل الأعجمين الأعجميين ثم حذفت ياء النسبة وبه صرح بعض آخر ، وذكر بعضهم أن الوجه أن أعجم مؤنثه عجماء وأفعل فعلاء لا يجمع جمع السلامة لكن الكوفيين من النحاة يجوزون ذلك وظاهر اللفظ يؤيد قولهم فلا موجب للقول بالحذف.
وكيف كان فظاهر السياق اتصال الآيتين بقوله : « بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ » فتكونان في مقام التعليل له ويكون المعنى : نزلناه عليك بلسان عربي ظاهر العربية واضح الدلالة ليؤمنوا به ولا يتعللوا بعدم فهمهم مقاصده ولو نزلناه على بعض الأعجمين بلسان أعجمي ما كانوا به مؤمنين وردوه بعدم فهم مقاصده.
فيكون المراد بنزوله على بعض الأعجمين نزوله أعجميا وبلسانه ، والآيتان والتي بعدهما في معنى قوله تعالى : « وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى » حم السجدة : ٤٤.
وقال بعضهم : إن المعنى ولو نزلناه قرآنا عربيا كما هو بنظمه الرائق المعجز على بعض الأعجمين الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية فقرأه عليهم قراءة صحيحة خارقة للعادات ما كانوا به مؤمنين مع انضمام إعجاز القراءة إلى إعجاز المقروء لفرط عنادهم وشدة شكيمتهم في المكابرة.