بِما لَدَيْهِمْ » الجن : ٢٨ ، وإلى ذلك يشير قوله : « إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ » إلخ.
وقوله : « إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ » أي إن الشياطين عن سمع الأخبار السماوية والاطلاع على ما يجري في الملإ الأعلى معزولون حيث يقذفون بالشهب الثاقبة لو تسمعوا كما ذكره الله في مواضع من كلامه.
قوله تعالى : « فَلا تَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ » خطاب للنبي صلىاللهعليهوآله ينهاه عن الشرك بالله متفرع على قوله : « وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ » إلخ ، أي إذا كان هذا القرآن تنزيلا من رب العالمين ولم تنزل به الشياطين وهو ينهى عن الشرك ويوعد عليه العذاب فلا تشرك بالله فينالك العذاب الموعود عليه وتدخل في زمرة المعذبين.
وكونه صلىاللهعليهوآله معصوما بعصمة إلهية يستحيل معها صدور المعصية منه لا ينافي نهيه عن الشرك فإن العصمة لا توجب بطلان تعلق الأمر والنهي بالمعصوم وارتفاع التكليف عنه بما أنه بشر مختار في الفعل والترك متصور في حقه الطاعة والمعصية بالنظر إلى نفسه ، وقد تكاثرت الآيات في تكليف الأنبياء عليهمالسلام في القرآن الكريم كقوله في الأنبياء عليهمالسلام : « وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ » الأنعام : ٨٨ ، وقوله في النبي صلىاللهعليهوآله : « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » الزمر : ٦٥ ، والآيتان في معنى النهي.
وقول بعضهم : إن التكليف للتكميل فيرتفع عند حصول الكمال وتحققه لاستحالة تحصيل الحاصل خطأ فإن الأعمال الصالحة التي يتعلق بها التكاليف من آثار الكمال المطلوب والكمال النفساني كما يجب أن يكتسب بالإتيان بآثاره ومزاولة الأعمال التي تناسبه والارتياض بها كذلك يجب أن يستبقي بذلك فما دام الإنسان بشرا له تعلق بالحياة الأرضية لا مناص له عن تحمل أعباء التكليف ، وقد تقدم كلام في هذا المعنى في بعض الأبحاث.
قوله تعالى : « وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ » في مجمع البيان : ، عشيرة الرجل قرابته سموا بذلك لأنه يعاشرهم وهم يعاشرونه انتهى. وخص عشيرته وقرابته الأقربين بالذكر بعد نهي نفسه عن الشرك وإنذاره تنبيها على أنه لا استثناء في الدعوة الدينية