معه خطاب (١) الجمع.
قوله تعالى : « فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ » إلخ قال في المفردات : شاطئ الوادي جانبه ، وقال : أصل الوادي الموضع الذي يسيل منه الماء ومنه سمي المنفرج بين الجبلين واديا وجمعه أودية انتهى والبقعة القطعة من الأرض على غير هيئة التي إلى جنبها.
والمراد بالأيمن الجانب الأيمن مقابل الأيسر وهو صفة الشاطئ ولا يعبأ بما قاله بعضهم : إن الأيمن من اليمين مقابل الأشأم من الشؤم.
والبقعة المباركة قطعة خاصة من الشاطئ الأيمن في الوادي كانت فيه الشجرة التي نودي منها ، ومباركتها لتشرفها بالتقريب والتكليم الإلهي وقد أمر بخلع نعليه فيها لتقدسها كما قال تعالى في القصة من سورة طه : « فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً » طه : ١٢.
ولا ريب في دلالة الآية على أن الشجرة كانت مبدءا للنداء والتكليم بوجه غير أن الكلام وهو كلام الله سبحانه لم يكن قائما بها كقيام الكلام بالمتكلم منا فلم تكن إلا حجابا احتجب سبحانه به فكلمه من ورائه بما يليق بساحة قدسه من معنى الاحتجاب وهو على كل شيء محيط ، قال تعالى : « وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ » الشورى : ٥١.
ومن هنا يظهر ضعف ما قيل : إن الشجرة كانت محل الكلام لأن الكلام عرض يحتاج إلى محل يقوم به.
وكذا ما قيل : إن هذا التكليم أعلى منازل الأنبياء عليهمالسلام أن يسمعوا كلام الله سبحانه من غير واسطة ومبلغ. وذلك أنه كان كلاما من وراء حجاب والحجاب واسطة وظاهر آية الشورى المذكورة آنفا أن أعلى التكليم هو الوحي من غير واسطة حجاب أو رسول مبلغ.
__________________
(١) وفي التوراة الحاضرة أنه حمل معه إلى مصر امرأته وبنيه ( سفر الخروج الإصحاح الرابع آية ٢٠ ).